هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

الجفاف.. ينذر بأزمة غذائية عالمية!!

تتعرض مختلف مناطق العالم لموجات جفاف غير مسبوقة. أثارت المخاوف من تداعياتها الخطيرة علي البيئة وإمدادت الطاقة والغذاء. ودقت الأمم المتحدة ناقوس الخطر. مشيرة إلي ارتفاع عدد حالات الجفاف في جميع أنحاء العالم بنسبة 29% منذ عام 2000. بسبب تدهور الأراضي وتغير المناخ.


ارتفعت موجات الجفاف الشديدة حول العالم. والتي تمتد من مزارع كاليفورنيا بالولايات المتحدة إلي الممرات المائية في أوروبا والصين. ويقول علماء إن العالم يشهد هذا العام واحدة من أكثر حالات الجفاف انتشارا منذ عقود. وتحطم الأرقام القياسية في بعض المناطق. كما أصبحت حالات الجفاف "المفاجئة" أكثر شيوعا.

ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية "بي. بي. سي" عن بنجامين كوك. وهو أحد كبار العلماء بوكالة ناسا وباحث في مجال الجفاف. قوله: هذا عام لافت للأنظار بالنسبة للجفاف في نصف الكرة الشمالي. مع حالات جفاف حارة قياسية أو شبه قياسية تؤثر في وقت واحد علي أمريكا الشمالية وأوروبا والبحر الأبيض المتوسط والصين. لكن خبراء يقولون إن مناطق أخري تضررت بشدة. بما في ذلك شرق إفريقيا وأمريكا الجنوبية. وعدة مناطق في آسيا. وبعض أجزاء من أستراليا.

وباتت ظاهرة جفاف الأنهار غير مرتبطة بدولة معينة. بل اصبح العديد من الدول مهددين بذلك. حيث ضرب الجفاف قلب أوروبا. متسببا في انخفاض مستويات أنهار كبري مثل نهر "الراين" اكبر الأنهار الواقعة في ألمانيا إلي مستويات قياسية. فضلا عن توقف بشكل شبه تام في جريان نهر "لوار" الذي يمر في الأراضي الفرنسية. كما جف المصدر والمنبع لمجري نهر "التايمز" والذي يعتبر من أشهر الأنهار في العالم والموجود في إنجلترا. فضلا عن انحسار مياه نهر الفرات وانخفاض منسوب المياه 7 أمتار. وأعلنت السلطات العراقية. أن البلاد تعاني من أزمة مياه تتفاقم يومًا بعد يوم.

وفاقمت موجات الجفاف الشديدة حول العالم. تعقيد إمدادات سلاسل التوريد وزيادة أسعار الغذاء والطاقة. وزيادة الضغط علي نظام التجارة العالمي. وحذر برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة. من أن التهديد بأزمة غذاء عالمية يلوح في الأفق إثر موجات الجفاف المتتالية. ودعا البرنامج الي الحصول علي 22.2 مليار دولار للوصول إلي تأمين 152 مليون شخص يحتاج للغذاء هذا العام.

ويبدو المستقبل قاتما. إذ يحذر علماء المناخ أن الاحترار العالمي سيزيد من مخاطر الجفاف في المناطق المعرضة للخطر. نتيجة لانخفاض هطول الأمطار. وانخفاض رطوبة الهواء والتربة. ويتوقعون أن يصبح الجفاف أكثر حدة. وكذلك أكثر تواترا. 

وفي السطور التالية. نستعرض أزمة الجفاف في مناطق العالم المختلفة. وتداعياتها الخطيرة علي إمدادات الغذاء والمياه الطاقة. وتقديرات علماء المناخ لتلك الظاهرة العالمية. 


مياه محظورة في البرتغال!

تعاني البرتغال من نقص في السوائل وموجة حر خانقة بالمساواة مع باقي دول أوروبا. ولذلك أوصت الحكومة البرتغالية 43 من بلدياتها بزيادة أسعار المياه أيضا حظر تنظيف أرصفة الشوارع بالمياه بسبب الجفاف.

وقالت صحيفة 20 مينوتوس الإسبانية إنه في مواجهة جفاف غير مسبوق أوصت الحكومة البرتغالية بزيادة أسعار المياه مؤقتا لأكبر المستهلكين. وفقا للمعهد الوطني للارصاد الجوية البرتغالية IPMA.

وقال وزير البيئة دوارتي كورديرو انه من بين 61 سدا في البر الرئيسي للبرتغال. هناك 10 سدود في وضع حرج. حيث يقل حجم المياه المخزنة عن 20% من طاقتها.

وتوفر تلك السدود التي لحقت بها الجفاف تقريبًا 40 بلدية في شمال ووسط البلاد.
وقالت الصحيفة إن البرتغال أوقفت انتاج الكهرباء وبدءا من أغسطس حظرت ري ملاعب الجولف والمتنزهات العامة والحدائق في المنطقة لتجنب الاضطرار إلي تقنين المياه للاستخدام البشري الضروري.

أوروبا تواجه الجفاف الأسوأ منذ 500 عام.. الاقتصاد يخسر 80 مليار دولار

ضربت أوروبا لاسيما إسبانيا والبرتغال وفرنسا وإيطاليا أسوأ موجة جفاف منذ 500 عام. أدت إلي انخفاض مستوي المياه في البحيرات والأنهار بما يهدد إمدادات مياه الري والشرب والشحن النهري بالإضافة إلي جفاف الأراضي الزراعية وهو ما يكلفها مزيدا من الخسائر الاقتصادية.

ويسبب الجفاف الذي يصيب الأنهار في أوروبا اضطرابات قوية في حركة التجارة عبر الأنهار والتي تعد عنصرا مهما للنقل بين الدول الأوروبية. فجفاف الأنهار قد يكبد الاقتصاد الأوروبي 80 مليار دولار. وفقا لبيانات هيئة "يوروستات".

وذكر المرصد الأوربي للجفاف. إن ثلثي القارة العجوز أصبح في حالة تأهب أو يواجه تحذيرات بشأن الجفاف. مع انحسار في حركة الشحن الداخلي وهبوط إنتاج الكهرباء. وتراجع إنتاجية بعض المحاصيل. 

وقال المرصد في أحدث له. إن 47% من مساحة القارة تواجه تحذيرات مع نقص واضح في رطوبة التربة. و17% منها في وضع التأهب وهو ما يعني تأثر الغطاء النباتي. ونص التقرير علي أن الجفاف الشديد. الذي يؤثر علي الكثير من مناطق أوروبا منذ بداية العام. اتسعت مساحته وتفاقم اعتباراً من أوائل أغسطس. مضيفاً أن منطقة غرب أوروبا والبحر المتوسط من المرجح أن تشهد ظروفاً مناخية أكثر دفئاً وجفافاً من المعتاد حتي شهر نوفمبر.

وشهدت أجزاء كبيرة من أوروبا درجات حرارة مرتفعة علي مدي أسابيع من الصيف الحالي. الأمر الذي فاقم الجفاف. وتسبب في حرائق غابات. وإطلاق تحذيرات صحية. ودعوات لمزيد من الإجراءات للتصدي لتغير المناخ.

وتأثرت المحاصيل الصيفية. حيث يتوقع أن يكون محصول الذرة في عام 2022 أقل بنسبة 16% عن متوسط السنوات الخمس السابقة. ومن المتوقع أن ينخفض محصول فول الصويا بنسبة 15% وعبّاد الشمس بنسبة 12%. 

ولحق الضرر بتوليد الطاقة الكهرومائية. وزاد التأثير علي منتجي الطاقة الآخرين جراء نقص المياه اللازمة لتغذية أنظمة التبريد. وعرقل انخفاض مستويات المياه حركة الشحن الداخلي. كما هو الحال علي طول نهر الراين. حيث جري تخفيض أحمال الشحن الأمر الذي أثر علي نقل الفحم والنفط.

وعانت المملكة المتحدة أيضًا من فترة طويلة من الطقس الحار والجاف. مما دفع إنجلترا إلي حالة رسمية من الجفاف في أغسطس الجاري. وأعلنت الحكومة قبل أيام أن ما تتراوح من 10 إلي 14 منطقة دخلت حالة الجفاف. مضيفة أن الأمطار الأخيرة لم تكن كافية لتجديد الأنهار والمياه الجوفية والخزانات إلي المستويات الطبيعية.

وأدي هذا النقص الشديد في المياه والإجهاد الحراري للنباتات إلي خفض توقعات موسم الحصاد الصيفي لهذا العام في أوروبا. مع تضرر المحاصيل بشكل أكبر بما في ذلك الذرة وعباد الشمس وفول الصويا. وأظهرت بيانات مركز الأبحاث الأوروبي أن توقعات الغلة لهذه المحاصيل ستكون أقل من متوسط الخمس سنوات الماضية. كذلك تسبب الأمر في تفاقم مشاكل إمدادات الطاقة في جميع أنحاء القارة حيث جفت السدود الكهرومائية في دول مثل البرتغال والنرويج. مما دفع ثاني أكبر مورد للغاز الطبيعي في الاتحاد الأوروبي بعد روسيا للتحذير من أنها قد تضطر إلي كبح صادرات الطاقة إذا لم يتحسن الوضع.

وتواجه فرنسا موجة حر غير مسبوقة منذ بداية يونيو تسببت في أسوأ جفاف مرّ علي البلاد منذ 65 عاما. حيث أدت ندرة هطول الأمطار إلي تراجع كميات المياه في الأنهار. حيث أصبح نهر "سافوريوز" بلا مياه لأول مرة منذ عقود.

فقد سجّل نهر لوار. وهو أطول نهر يمتد علي كامل الأراضي الفرنسية. لأول مرة مستوي انخفاض كبير للمياه. وفي مشهد آخر أشد قساوة. تعاني أكثر من 100 بلدة فرنسية من انقطاع في مياه الشرب ما دفع الحكومة إلي تشكيل فريق خاص لمعالجة الأزمة وقد شرعت في تهيئة شاحنات لنقل المياه إلي تلك المناطق. 

تراجع كبير في منسوب مياه البحيرات غرب الولايات المتحدة 

ضربت موجة غير مسبوقة من الجفاف غربي الولايات المتحدة. وسجلت المنطقة تراجعا كبيرا في منسوب مياه البحيرات. وكانت شبكة "بي بي سي" البريطانية. قد نشرت تقريرا ميدانيا قبل شهرين. رصد تراجع مستوي المياه في أكبر بحيرة لتخزين المياه في الولايات المتحدة بأسرها. وهي بحيرة "ميد" التي تشكلت بعد بناء سد "هوفر" علي نهر كلورادو. 

وذكر التقرير إن البحيرة التي توفر المياه لنحو 25 مليون إنسان يعيشون في 3 ولايات أمريكية والمكسيك. تشهد تراجعا حادا في مستوي المياه فيها. وبدأت المناطق المحيطة بها تتحول إلي الجفاف. وتصبح سهولا قاحلة.

ويحذر خبراء المياه من مستقبل أكثر صعوبة. لو استمر تراجع المياه في البحيرة للمستوي الذي لا يسمح لسد هوفر بإنتاج الطاقة الكهربائية. أو إمداد المجتمعات المعتمدة عليه بالمياه. 

وأفادت الشبكة البريطانية بأن السلطات أصدرت تعليمات لسكان ولاية كاليفورنيا بتخزين المياه. حتي لا يعانوا من نقصها. كما حذرت السلطات المواطنين من استخدام المياه بشكل مفرط. لرش حدائقهم المنزلية. وتقليل المياه المستخدمة لأغراض النظافة والاستحمام.

وفي لوس أنجلوس. تطالب السلطات العديد من السكان بتقليل كميات المياه التي يستخدمونها بنسبة 35 بالمائة. وذلك بعدما سجلت الولاية أسوأ بداية لموسم جفاف منذ بداية نظام التسجيل.

وتعد موجة الجفاف التي تضرب غرب الولايات المتحدة الأسوأ منذ 1200 عام. وقد أوضحت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية أن الجفاف أدي بالنسبة لبعض أكبر الاقتصادات في العالم. إلي أضرار بالصناعات بما في ذلك توليد الكهرباء والزراعة والتصنيع والسياحة.

وأعلن مكتب الاستصلاح الأمريكي مؤخرا عن نقص في منسوب نهر "كولورادو" للعام الثاني علي التوالي ما أدي إلي قطع إلزامي للمياه في أريزونا ونيفادا والمكسيك. وقال ويد نوبل. المستشار العام لأربع مناطق ري في مقاطعة يوما بولاية أريزونا. وهي منتج رئيسي للخس والخضروات. إن المزارعين يتوقّعون أن يكسبوا 10% من قيمة صناعتهم التي تبلغ 3.4 مليار دولار سنويًا. وتشير توقّعات إلي أن المزارعين سيفقدون أكثر من 40% من محصول القطن بالولايات المتحدة.


الجفاف يضرب نصف أراضي الصين ويرهق المزارعين ومنتجي الطاقة

أعلنت الصين أن موجة الجفاف التي تشهدها البلاد في الوقت الحالي هي الأسوأ علي الإطلاق. منذ أن بدأت البلاد في تسجيل بيانات الأرصاد الجوية منذ عام 1961.

وأفادت بيانات رسمية بأن الجفاف يضرب نصف أراضي الصين الشاسعة بدرجات متفاوتة بسبب موجة الحر التي تؤدي إلي ندرة المياه هذا الصيف. بما في ذلك منطقة التيبت. والتي تعرضت لجفاف شديد. بحسب خريطة نشرتها إدارة الأرصاد الجوية الوطنية الصينية.

وسجلت في عدد من المدن الكبري أعلي درجات حرارة في تاريخ البلاد. بلغت 45 درجة مئوية. في جنوب غرب البلاد. وعلي غرار "يانجتسي". أكبر نهر في البلاد. فقد جف عدد كبير من مجاري المياه بشكل خطير.

ويسبب الجفاف مشكلة لمزارعي الأرز وفول الصويا التي تستهلك كميات كبيرة من المياه. وقررت الحكومة تخصيص عشرة مليارات يوان "1.5 مليار دولار" لدعم المزارعين في مواجهة الجفاف. كما ذكرت محطة تلفزيونية حكومية. وسيخصص هذا المبلغ بشكل أساسي لضمان محصول الأرز في الخريف. وفي ظل نقص المياه لمحاصيلها. تحاول الصين التسبب في هطول أمطار بشكل اصطناعي خلال إطلاق مقذوفات محملة بيوديد الفضة في السماء. 

ويعد نقص المياه أمرًا بالغ الأهمية. لا سيما في مقاطعة سيتشوان "جنوب غرب". التي يبلغ عدد سكانها نحو 84 مليون نسمة وتعتمد بنسبة 80 بالمئة علي السدود لتوليد الكهرباء. ويجبر جفاف الأنهار. والتي تغذي السدود الهيدروليكية السلطات علي تقنين الكهرباء في بعض المناطق بينما يقوم السكان بتشغيل مكيفات الهواء بأقصي طاقتها حتي تبرد.


ندرة المياه دمرت الثروة الزراعية والحيوانية في آسيا الوسطي

تعاني دول آسيا الوسطي مثل أفغانستان وإيران تعاني من ظروف جفاف قاسية منذ أكثر من عام الآن. وتشهد أجزاء كبيرة من دول آسيا الوسطي. أسوأ موجة جفاف منذ 13 عاما. في الوقت الذي تشير فيه الدراسات إلي تحولات في أنماط هطول الأمطار في جبال "تيان شان" التي تزود آسيا الوسطي بالكثير من مياهها العذبة للري والمراعي» الأمر الذي يتسبب بدوره في تدمير الكثير من الأراضي الزراعية. فضلا عن نفوق أعداد كبيرة من الماشية.

وذكرت "شبكة أخبار البلطيق". في تقرير لها - أنه في مقاطعتين من كازاخستان. نفق أكثر من 2000 رأس من الماشية بسبب نقص المياه والأعلاف. كما نظم المزارعون في قيرغيزستان. احتجاجات متعددة في منطقة تشوي الشمالية بسبب نقص المياه اللازمة لري محاصيلهم. خاصة وأنهم علي وشك خسارة محصول هذا الموسم إذا لم تزودهم السلطات بالمياه.

وبجانب ذلك. أدي نقص المياه في أوزبكستان إلي خسائر في المحاصيل وارتفاع أسعار الخضروات الموسمية. بينما أدي الجفاف في منطقة سمرقند في أوزبكستان إلي تعطيل إمدادات مياه الشرب» الأمر الذي دفع السلطات الأوزبكية إلي فرض تقنين استخدام المياه في مدينة سمرقند.. وفي تركمانستان. تسبب الجفاف في انخفاض غلة المراعي وانخفاض علف الماشية.

ونقلت الشبكة عن كبير علماء الأبحاث في معهد الأرض التابع لكلية المناخ في كولومبيا بن أورلوف. قوله إن الدراسات الحديثة تشير إلي تحولات في أنماط هطول الأمطار في جبال تيان شان التي تزود آسيا الوسطي بالكثير من مياهها العذبة للري والمراعي. منبها إلي أنه - مع ارتفاع درجة حرارة المناخ - تتطلب المراعي والمحاصيل والماشية المزيد من المياه للبقاء علي قيد الحياة. فقط في الوقت الذي أصبحت فيه المياه أكثر ندرة.

ويعتقد الباحثون والخبراء أن حكومات آسيا الوسطي لا تزال لديها خيارات للتخفيف من الظواهر الجوية المتطرفة في المنطقة. فهناك العديد من الخيارات المتاحة للحكومات. حيث يمكنها دعم تقنيات توفير المياه وتوسيع التأمين علي المحاصيل والثروة الحيوانية. ودعم المنتجين في اتخاذ القرارات التي تحافظ علي موارد المياه وتعزيز ممارسات استخدام الأراضي التي تحافظ علي رطوبة التربة. 


الجفاف يحرم 22 مليون شخص في القرن الأفريقي من الغذاء 

تعاني إفريقيا من الجفاف أكثر من أي قارة أخري. وفقا لتقرير صادر عن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. ومن بين 134 حالة جفاف في القارة بين عامي 2000 و2019. كانت هناك 70 حالة في منطقة شرق إفريقيا.

وتعد منطقة القرن الأفريقي من بين المناطق الأكثر تضررا. حيث تسبب عدم سقوط الأمطار لأربعة مواسم متتالية فيما وصفه نور محمود شيخ. المتحدث باسم الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية "إيغاد". بأنه أسوأ جفاف منذ 40 عاما. مشيرا إلي أن هذا كانت له تداعيات علي الأمن الغذائي لنحو 50 مليون شخص.

وحذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" من إمكانية أن يموت الأطفال في القرن الأفريقي ومنطقة الساحل بأعداد كبيرة ما لم يتم توفير دعم عاجل لهم. حيث يتلاقي سوء التغذية الحاد مع خطر الإصابة بالأمراض المنقولة عن طريق المياه الملوثة. عند نقطة واحدة.

وقالت المديرة التنفيذية لليونيسف. كاثرين راسل. تزامنا مع الأسبوع العالمي للمياه. أنه: في غضون خمسة أشهر ارتفع عدد الأشخاص المتضررين من الجفاف في إثيوبيا وكينيا والصومال والذين لا يحصلون علي المياه الصالحة للشرب بنسبة 70 في المائة. إلي ما مجموعه 16.2 مليون شخص "بين فبراير ويوليو". ما يعرض الأطفال وعائلاتهم لخطر الإصابة بأمراض مثل الكوليرا. والإسهال بصورة متزايدة.

يأتي ذلك في وقت حذر برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة من أن التهديد بأزمة غذاء عالمية يلوح في الأفق اثر موجات الجفاف المتتالية. مشيرا إلي أن حوالي 22 مليون شخص في القرن الأفريقي يكافحون للحصول علي ما يكفي من الطعام. ودعا البرنامج الي الحصول علي 22.2 مليار دولار للوصول إلي تأمين 152 مليون شخص حول العالم يحتاج للغذاء هذا العام. 

وأشار البرنامج إلي أن أكثر من سبعة ملايين شخص بالصومال -ما يقرب من نصف السكان- يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد في الوقت الذي يواجه حوالي 213 ألف شخص ظروفا شبيهة بالمجاعة.

وأشار إلي انه يستهدف مساعدة حوالي 8.5 مليون شخص في أنحاء القرن الإفريقي بزيادة 2 مليون شخص عن بداية العام الحالي. مؤكدا أنه كان قد حذر في بداية العام من أن 13 مليون شخص في المنطقة يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد بسبب الجفاف. 

وفيما يخص ظاهرة جفاف الأنهار وخاصة في القارة السمراء, فقد كشفت دراسة أجرتها كلية "دارتموث" الأمريكية. أنه علي الرغم من التوقعات بزيادة الأمطار في منابع النيل. إلا إن الزيادة المتوقعة في درجات الحرارة قد تزيد السنوات الحارة والجافة. ما قد يؤثر في إمدادات المياه والغذاء لمئات الملايين من الناس في منطقة أعالي النيل خلال العقود المقبلة. 


أمريكا الجنوبية تعاني

في نصف الكرة الجنوبي. تضررت أمريكا الجنوبية بشدة في السنوات الأخيرة. وأدي الجفاف إلي انخفاض إنتاج الحبوب في 2020-2021 بنسبة تصل إلي نحو ثلاثة في المئة. في حين عاني وسط تشيلي من 13 عاما من "الجفاف الشديد" -وهي أطول فترة جفاف في المنطقة منذ ألف عام. 

وشهدت بحيرة سانتياجو في تشيلي حالة من الجفاف التي سرعان ما حولتها إلي صحراء جرداء. فيما تبدلت الحياة إلي العدم من موت الأشجار والحيوانات. وتعد سانتياجو من المدن الأكثر سخونة علي وجه الأرض. بسبب التغيرات المناخية التي شهدها العالم. فيما كان خزان "بينويلاس" في وسط تشيلي حتي قبل 20 عامًا المصدر الرئيسي للمياه لمدينة "فالباريسو". لكنه فقد منذ ذلك الحين 99.995% من مياهه بسبب التغيرات المناخية.

ووسط جفاف تاريخي استمر 13 عاما. تراجعت مستويات هطول الأمطار في هذه الدولة الواقعة في أمريكا الجنوبية وخلف هذه المشكلة هناك تحول في أنماط المناخ أدي إلي زيادة حدة دورات الطقس الطبيعية. وتحولت مساحات شاسعة من الأرض الجافة والمتشققة التي كانت ذات يوم قاع البحيرة مليئة بهياكل عظمية للأسماك والحيوانات اليائسة التي تبحث عن الماء.

كما أن الجفاف الذي استمر لعدة سنوات في حوض بارانا لا بلاتا. وهو الأسوأ منذ عام 1944. يؤثر علي وسط وجنوب البرازيل وأجزاء من باراجواي وبوليفيا.


العلماء: حالات "الجفاف المفاجئ" الأكثر شيوعاً

يقول علماء إن العالم يشهد هذا العام واحدة من أكثر حالات الجفاف انتشارا منذ عقود. وتحطم الأرقام القياسية في بعض المناطق. كما أصبحت حالات الجفاف المفاجئة أكثر شيوعا.

ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية "بي. بي. سي" عن بنجامين كوك. وهو أحد كبار العلماء بوكالة ناسا وباحث في مجال الجفاف. قوله: "هذا عام لافت للأنظار بالنسبة للجفاف في نصف الكرة الشمالي. مع حالات جفاف حارة قياسية أو شبه قياسية تؤثر في وقت واحد علي أمريكا الشمالية وأوروبا والبحر الأبيض المتوسط والصين".

يضيف العلماء إن حالات الجفاف في الماضي كانت عادة تستغرق عدة مواسم أو سنوات حتي تتطور. لكن هذا الأمر يتغير الآن في العديد من الأماكن. ويجتمع انخفاض هطول الأمطار مع الحرارة الشديدة لإحداث موجات جفاف سريعة الظهور. كما رأينا في بعض المناطق هذا الصيف في نصف الكرة الشمالي.

يقول روجر بولوارتي. عالم بارز في الإدارة الوطنية الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوي: ما نراه الآن هو ما نطلق عليه حالات الجفاف المفاجئة. ويضيف: "يمكن أن تستمر هذه الموجات لفترة تتراوح بين شهر وثلاثة أشهر فقط. لكنها قد تكون مدمرة إذا حدثت خلال موسم الذروة بالنسبة للمحاصيل. أو مخاطر حرائق الغابات".

ويقول بولوارتي إن البقع الساخنة المعرضة للجفاف المفاجئ موجودة في البرازيل. والساحل الأفريقي. والوادي المتصدع الكبير. والهند. ووسط الولايات المتحدة. وجنوب غربي روسيا. وشمال شرقي الصين.

ومع بقاء أربعة أشهر قبل نهاية العام. يقول علماء إنه من السابق لأوانه القول ما إذا كان عام 2022 سيكون أسوأ بالنسبة للجفاف مقارنة بعام 2012. وهو أسوأ عام في التاريخ الحديث.

لكن سجلات وأرقام القرن العشرين غير كاملة أيضا. لذلك من الصعب تحديد ترتيب أي من هذين العامين بالضبط بين سنوات الجفاف طويل الأجل. لكن يجمع العلماء بأن هذا العام شهد واحدة من أكثر حالات الجفاف انتشارا منذ عقود.

ويبدو المستقبل قاتما. إذ يقول علماء المناخ إن الاحترار العالمي سيزيد من مخاطر الجفاف في المناطق المعرضة للخطر. نتيجة لانخفاض هطول الأمطار. وانخفاض رطوبة الهواء والتربة - ويتوقعون أن يصبح الجفاف أكثر حدة. وكذلك أكثر تواترا.

وإذا وصل الاحترار العالمي إلي ثلاث درجات مئوية بحلول عام 2100 - كما هو متوقع. إذا لم تنخفض مستويات الانبعاثات الحالية بشكل كبير- فإن تكلفة تلف المحاصيل والعواقب الاقتصادية الأخري للجفاف يمكن أن تكون أعلي بخمس مرات مما هي عليه اليوم. وفقا لتقرير "الجفاف بالأرقام" الصادر عن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر في وقت سابق من هذا العام.

ويقول بنجامين كوك من وكالة ناسا: "بغض النظر عن كيفية تأثير تغير المناخ علي حالات الجفاف المحددة هذا العام. فهذه هي أنواع الأحداث التي يجب أن نستعد لها بينما نواصل التحرك نحو مستقبل أكثر ارتفاعا في درجات الحرارة".

ورصدت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية. تحذيرات العديد من العلماء بأن موجة الجفاف التي تتعرض لها أوروبا حاليًا قد تستمر حتي شهر نوفمبر المقبل. مما يضاعف المخاوف بشأن الغذاء والطاقة.

وذكر الصحيفة البريطانية نقلا عن تقرير صدر عن مركز الأبحاث المشتركة التابع للاتحاد الأوروبي. إن ظروف الجفاف "الشديدة إلي المتطرفة" تجلت في إيطاليا وجنوب شرق وشمال غرب فرنسا وشرق ألمانيا وأوروبا الشرقية وجنوب النرويج وأجزاء كبيرة من البلقان.

وأظهر أن حوالي 47 في المائة من الاتحاد الأوروبي كان في ظل ظروف تحذير من الجفاف و 17 في المائة في حالة "تأهب" من الجفاف. مما يعني أن النباتات والمحاصيل قد تأثرت. كما حذر التقرير من "الآثار الخطيرة" علي قطاع الطاقة خاصة علي محطات الطاقة الكهرومائية غير القادرة علي العمل. بسبب انخفاض مستوي مياه الأنهار وأنظمة التبريد لمحطات الطاقة الأخري.

ووصف علماء في تصريحات خاصة لـ"فاينانشيال تايمز" الصيف الحالي بأنه أكثر فصول الصيف جفافا علي الإطلاق في أوروبا. وحذروا من أن الاحترار يزداد بوتيرة أسرع من المتوسط العالمي. حيث انتشرت حرائق الغابات بسرعة في جميع أنحاء القارة. واشتعلت أكثر من 4.6 ضعف متوسط مساحة الأرض علي مدار الـ 19 عامًا الماضية من مواسم حرائق الغابات. بينما ذابت الأنهار الجليدية في جبال الألب بوتيرة قياسية.
 





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق