رغم ان امتحانات الثانوية العامة انتهت منذ أيام قليلة.. إلا أن سناتر الدروس الخصوصية فتحت أبوابها لاستقبال طلاب العام الجديد.. وكل هذا عبء علي الأهالي الذين لم يستفيقوا من العام الماضي ليفاجأوا بالعام الجديد يهل عليهم بـ"سرطان اسمه الدروس الخصوصية".
الخبراء أكدوا ان الدروس الخصوصية أصبحت كالسرطان الذي ينخر في جسد المجتمع.. وللأسف الطلاب يقبلون علي السناتر دون تفكير أو تقييم لصعوبة المادة وكأنها أصبحت عادة.
شدد الخبراء علي ضرورة تجريم هذه الظاهرة الخطيرة ومنع إصدار تراخيص للسناتر وعودة المجموعات المدرسية.
"الجمهورية أون لاين" فتحت الملف الشائك مع مختلف أطراف العملية التعليمية
أكد أستاذ مازن نصار- مدرس رياضيات ومدير عام بوزارة التربية والتعليم سابقا- أن الدروس الخصوصية تحولت الي سرطان أصاب المجتمع منذ حوالي ثلاثين عاما وأصبحت روتينا لدي الطلاب وأولياء الأمور فالمعظم يقبل علي الدورس الخصوصية في جميع المواد دون تفكير ودون تقييم لمدي صعوبة المادة وأما من لا يأخذ الدروس الخصوصية فينظر اليه علي أنه طالب غلبان ويشعر بخيبة الأمل والإحراج بين زملائه عكس الفترات الزمنية الماضية حيث كان أخذ الدروس الخصوصية "عيب" فمنذ حوالي أربعة عقود كان الطالب الضعيف هو الذي يضطر لأخذ الدروس الخصوصية وينظر اليه زملاؤه علي أنه فاشل أو أن قدراته بسيطة فيحتاج للمساعدة مثله مثل المريض الذي يذهب للدكتور. وبالتالي فللأسف الشديد موازين المجتمع قد انقلبت واختل توازن المنظومة التعليمية والسبب الرئيسي لا يرجع الي المدرسة وإنما سلوكيات الطلاب والاقبال الجنوني علي الدروس الخصوصية.
أضاف أن د.طارق شوقي وزير التربية والتعليم يبذل جهدا خارقا لمحاولة كبح جماح ظاهرة انتشار الدروس الخصوصية وادخل نظام التابليت ولكن لا حياة لمن تنادي فبدلا من أن يغتنم الطلاب هذه الفرصة للاستغناء عن الدروس الخصوصية بمصاريفها وما تضيعه من وقت بدأوا يأخذون درسين في كل مادة واحدة درسا للتابليت ودرسا للمادة الدراسية أحدهم أون لاين والآخر أوف لاين.
أشار إلي ضرورة إعادة دور المدرسة بشكل حاسم وتفعيل المعامل والمكتبات المدرسية المكلفة ملايين الجنيهات وحسن استخدامها وتخصيص عدد من الدرجات حتي ولو خمس درجات فقط في كل مادة للأنشطة العملية والأبحاث وكذلك تخصيص أعمال سنة للحضور والغياب تضاف للمجموع. مشيرا أيضا الي أن جميع دول العالم ليس بها مكاتب تنسيق وبالتالي فهناك ضرورة لإلغاء مكتب التنسيق في مصر وجعل دخول الكليات يتم من خلال اختبارات قدرات لإغناء الطلاب عن دخول الدروس الخصوصية من أجل الحصول علي مجموع خرافي. بشرط أن تتم هذه الامتحانات بشكل ورقي ويكون لها أرقام سرية منعا للوسائط والمحسوبيات.
أما بالنسبة للتناقض ما بين شكوي الطلاب وأولياء الأمور من كثرة عدد الطلاب في الفصول خلال العقود الماضية رغم أن الفصل الواحد لم يتجاوز عدد طلابه 60 أو 70 طالبا وكذلك عدم التزامهم بالانصات للمدرس من جانب واقبالهم علي الدروس الخصوصية خلال الفترات الأخيرة رغم أن أعدادهم قد تصل إلي الآلاف في الدرس الواحد. فقد فسر ذلك بأن المدارس تكاد تكون مجانية مما يدفع الطالب للاستهتار. أما الدروس الخصوصية فمدفوع فيها دم قلوب أهاليهم. مشيرا الي ضرورة الاهتمام بالمدرسين وتزويد رواتبهم وحوافزهم لكن ذلك لن يكفي فمن الضروري تجريم الدروس الخصوصية ومنع إصدار تراخيص للسناتر لمواجهة المشكلة بشكل جذري وفعال.
أكد أستاذ بهاء الجرفاوي- مدرس أول لغة إنجليزية سابقا- ضرورة النهوض برواتب المدرسين مثلما يتم في معظم الدول مثل الدول الأوروبية ودول الخليج حيث يتم تقدير المدرسين ماديا ومعنويا بشكل كبير باعتبارهم مؤسسي الأجيال وأن جميع شاغلي المهن الأخري المرموقة تأسسوا بفضل المدرسين فمن الطبيعي ألا يقل مرتب المدرس عن وكيل النيابة أو موظف البنك.. مشيرا أيضا الي ضرورة إعادة دور المدرسة وتزويدها بمدرسين أكفاء خاصة وأن هناك أزمة وافتقارا إلي المدرسين بالمدارس.
أكد ضرورة تفعيل التكنولوجيات وكذلك العودة المجموعات المدرسية ودفع المدرسين الي إلقائها مجددا من خلال تزويد أجورهم فيها خاصة وأن ما يتقاضونه منها هي نسبة ضئيلة وغير محفزة لا تتخطي ربع ما يدفعه الطالب للمدرسة وقد أدي ذلك الي اختفاء المجموعات المدرسية ولجوء المدرسين الي الدروس الخصوصية.
وبالنسبة لغياب دور المدرسة.. أكد "الجرفاوي" أن ذلك يرجع الي تغيب الطلاب من جانب وعزوف بعض المدرسين من جانب آخر عن الشرح.. مؤكدا أن اهتمام الدرس أو عدمه هي مسألة ترجع للضمير. مضيفا أن المنصات التعليمية الحديثة لم تقض علي الدورس الخصوصية ولم توفر للأهالي المصاريف بل بالعكس فقد اضطرت أولياء الامور لتحمل نفقات اضافية لشحن التكنولوجيات لأبنائهم وبالتالي لابد من توفير نسبة نت مدعم للطلاب.
تري دكتورة صفاء سيد- أستاذ ورئيس قسم تكنولوجيا التعليم بجامعة عين شمس- أن تفشي الدروس الخصوصية بهذا الشكل المبالغ فيه يرجع الي تغير نظام الثانوية العامة أكثر من مرة علي مدار السنوات والعقود الماضية ما بين ثلاث سنوات وسنتين ثم سنة واحدة وأخيرا نظام التابليت والمنصات الإليكترونية مما يصيب الطلاب بالهلع والضغط النفسي ويدفعهم لدخول الدروس الخصوصية بأعداد أكبر في كل مرة للتدرب علي كل نظام جديد من قبل بعض المدرسين الذين لديهم فن توصيل المعلومة خاصة وأن المصريين يطلقوا علي الثانوية العامة مرحلة تحديد مصير. وبمرور الوقت تحولت الدروس الخصوصية لبيزنيس وكثرت الأسئلة والتوقعات التي يطرحها المدرسون للطلاب مما أدي لارتفاع المجاميع وارتفاع التنسيق بشكل غريب.
أكدت ضرورة تكاتف مختلف الجهات المعنية للقضاء علي الدروس الخصوصية ومنعها تماما. من زاوية بالإضافة إلي إعادة دور المدارس ولكن بشكل صحيح من زاوية أخري. بحيث يتم تزويدها بالتكنولوجيات اللازمة من شاشات عرض وغيرها وكذلك مدها بأفضل وأكفأ المدرسين وتزويد كتب الوزارة بمزيد من نماذج الأسئلة والأجوبة. وأيضا أن يتم الدمج بين نظام الاعتماد علي التابليت من جانب ونظام الاعتماد علي الكتب المدرسية من جانب آخر للاستفادة من مزايا كل منهما وتحقيق أعلي جدوي ممكنة.
أكد د.عصام المغربي- خبير علم النفس السلوكي والتنمية البشرية- أن التعليم في أي دولة يعتبر مرآة للمستقبل لتحقيق آمال المجتمع وطموحاته من أجل مستقبل أفضل. وتعمل الأسرة بكل طاقتها من أجل ضمان تعليم جيد لابنائها وتحقيق أحلامهم في الاستمتاع بغد مبهر ومستقبل رائع. وقد كانت المدرسة في الماضي هي منبع العلم والتعلم والاستقرار النفسي والذهني. وكانت هناك شكاوي متكررة من لطلاب وأولياء الأمور علي المستوي الاجتماعي والإعلامي من زيادة اعداد التلاميذ واكتظاظ الفصول.
أضاف أنه خلال الفترات الأخيرة شهدت المنظومة التعليمية تغيرات خطيرة. حيث أصيب المجتمع بهلع شديد من بعبع الثانويه العامه وتفشت ظاهره الدروس الخصوصية وأصبح أولياء الأمور ينفقون عليها بشكل جنوني. حيث توجه الطلاب باعداد هائلة للسناتر التعلمية وعزفوا عن الذهاب للمدارس. مما نتج عنه تغييرات في القيم الأخلاقية والسلوكية داخل المجتمع لأن المدرسة كانت تعلم الادب والسلوك. قبل العلم. وبالتالي فإن مما أقدمت عليه الأسرة المصرية بتعليم أبنائها من خلال الدروس الخصوصية أمر خطير يهدد اركان المجتمع وينذر بزيادة انتشار السلوكيات والاضطرابات النفسية الخطيرة.
أوضح أنه في الماضي كان هناك عزوف من المدرسين عن إعطاء الدروس الخصوصية للطلاب لأنها تقلل من مكانتهم الاجتماعية والعلمية ولكن في الوقت الحالي تغيرت القيم الأخلاقية والسلوكية وأصبحت الدروس الخصوصية بيزنس وإدارة اعمال وواقعاً اجتماعياً جديداً لان المدرسة أصبحت غير جاذبة للطلاب نظرا للتغيرات الاجتماعية والثقافية في المجتمع وافتقاد المدرسة للأنشطة الرياضية والترفيهية والثقافية وتنمية المهارات الحياتية والوجدانية. وبالتالي لابد علي القائمين علي العملية التعليمية إعادة المدرسة علي ماكانت من الاهتمام بالجوانب الوجدانية والمهارية والتعليم السليم والاهتمام بالمدرس وتربية الطلاب تربية صحيحة والاهتمام أيضا بالقيم الأخلاقية والسلوكية والدينيه واحترام الكبير والعطف علي الصغير.
قالوا : الدروس الخصوصية لم تعد تفيد في ظل النظام الجديد
بعض أباطرة الدروس الخصوصية حصلوا علي شهرتهم "بضربة حظ" .. المنصات الاليكترونية أكثر جدوي
شكا الطلاب من أن جدوي الدروس الخصوصية تكاد تكون معدومة في ظل النظام الجديد الذي يعتمد علي الأسئلة الاستنباطية والمركبة فرغم ارتفاع اسعارالدروس بشكل خيالي إلا أنها لم تعد تفيد إلا بنسبة ضئيلة مطالبين بإعادة دور المدرسة بشرط أن يلتزم جميع المدرسين بالحضور وتقديم الشروحات الوافية والكافية. موضحين أن الشهرة أو الصيت الذي يستحوذ عليه بعض مشاهير المدرسين قد يكونوا قد حصلوا عليه بضربة حظ أو بالمصادفة.
يقول اسلام طارق- طالب بالشعبة العلمية- إن جميع الامتحانات كانت بعيدة كل البعد عما تم شرحه وتلقينه في الدروس الخصوصية رغم ارتفاع أسعار الدروس حيث أن الأسئلة جاءت غير مباشرة وخارج التوقعات. حيث أن الدروس الخصوصية لم تعد تفيد مع النظام الجديد عكس النظام القديم موجهأ نصائحه للمقبلين علي الثانوية العامة بعدم دخول الدورس الخصوصية لأنها مضيعة للوقت والجهد والمال حيث يبدأ سعر الحصة الواحدة من 50 جنيها وقد يزيد عن 200 جنيه في بعض الاحيان كما هو الحال لدي طلاب اللغات.
أضاف أن بعض مشاهير المدرسين والذين قد يصل اعداد الطلاب لديهم إلي الآلاف في الحصة الواحدة يكونوا في بعض الاحيان لا يستحقون الشهرة والنجومية التي يتمتعون بها. حيث إن بعضهم استحوذ علي الطلاب بضربة حظ فعلي سبيل المثال قد يكون قد حدث مصادفة أنه في النظام القديم للثانوية العامة جاء في الامتحان عدد من الاسئلة من ملزمة ليلة الامتحان لأحد المدرسين مما أكسبه شهرة رهيبة رغم ان قدراته علي الشرح وتوصيل المعلومة قد تكون عادية أو ضئيلة وقد لا يكون خريج كلية التربية من الأساس ومع ذلك يصبح من ألمع المدرسين. مضيفا أن النظام التعليمي الجديد والمنصات والتابليت ليس مجديا ولم تأت منه سوي نسبة ضئيلة جدا في الامتحان كما أن هذا النظام يشجع علي الغش كما يعمل علي إضاعة جهد الطلاب بسبب شدة صعوبة الأسئلة.
أكد مصطفي محمود أحمد- طالب بالشعبة العلمية- أن المنصات الإليكترونية أكثر فاعلية من الدروس الخصوصية في ظل النظام التعليمي الجديد من جانب ونظرا أن الدروس الخصويية تهدر الوقت والجهد وتتطلب تكاليف كثيرة من جانب آخر مشيرا الي أن النظام الجديد مجدي وأن عدم وجود حضور الطلاب بالمداس أمر حتمي حتي لا يتحكم مدرس الفصل في الطالب أو يجبره علي دخول درس خصوصي معه وبالتالي فإن فكرة عودة دور المدرسة تعد أمرا صعبا خاصة أيضا في ظل الشغب الذي يفتعله الطلاب والسلوكيات السلبية والمنفرة التي تعيق المدرسين عن الشرح كما لمست في الفصل الاول الثانوي. مشيرا إلي ضرورة اعلاء المجموع اللازم لدخول الثانوية العامة لمنع هؤلاء المشاغبين والمستهترين.
أضاف أنه اعتمد بشكل كبير علي المنصات الاليكترونية سواء التابعة لوزارة التربية والتعليم والتي يتم الاشتراك فيها بأجر رمزي حيث يبلغ سعر الاشتراك في المنصة 400 جنيه لجميع المواد طوال العام الدراسي. كما أثني أيضا علي جهود الوزارة مؤكدا انها وفرت دروسا ومراجعات نهائية علي اليوتيوب يشرحها افضل المدرسين مجانا وكانت هذه الدروس مفيدة جدا.
يري خالد سيد ومحمد حمدي ومهاب خالد- طلاب بالشعبة العلمية- أن الدروس الخصوصية لا غني عنها في ظل عدم وجود المدارس من جانب وفي صعوبة الأسئلة في النظام الجديد من جانب آخر مما يتطلب الاستعانة بالدروس االخصوصية للتدرب علي كيفية الفهم والاستيعاب والاستنباط والأفكار المختلفة. ومع ذلك يجب ترشيد الدخول في الدروس الخصوصية لتجنب اهدار الوقت. حيث من الأفضل ألا يدخل الطالب الدرس الا في المواد الصعبة فقط.
أكدوا أنهم يتمنون عودة دور المدرسة وتشديد الرقابة علي المدرسين وإلزامهم بالشرح الجيد حيث ليس من المعقول أن نترك كل واحد لضميره. قائلين "حرام يشرح المدرس في الدرس الخصوصي وما يشرحش في الفصل" ومشيرين إلي ضرورة تزويد مدة كل حصة في المدرسة المدة المخصصة حاليا والمتمثلة في ساعة إلا ربع لا تكفي لشرح او استيعاب المعلومات خاصة في ظل ان كل مادة يكون مخصص لها حصة واحدة أو حصتين فقط أسبوعيا.
أكدت شهد طارق وروفيدة أحمد- طالبتان بالشعبة الأدبية- أنه لم تأت أي أسئلة من الدروس الخصوصية في الامتحانات سوي في مادتي الفلسفة وعلم النفس. معربين عن استيائهم من الدروس الخصوصية خاصة وانها تحولت إلي بيزنيس من جانب وأن الاعداد تكون رهيبة وتصل إلي الآلاف لدي بعض المدرسين اللامعين مما يؤدي الي صعوبة الاستيعاب واصابة بعض الطالبات بالإغماءات وعدم تمكن الطلاب من التوصل المباشر مع مدرسي الدروس الخصوصية حيث يتم التواصل معهم من خلال "الأسيستانتس" أو المدرسين المساعدين الذين يعملون معهم. وبالإضافة الي ذلك فرغم ارتفاع اسعار الدروس الخصوصية الا ان مدرسيها لا يلتزمون بالمواعيد ولا بمدة الحصة مما يهدر الوقت ويقلل الاستفادة.
اترك تعليق