تواصل "الجمهورية أون لاين" رصد إيرادات شباك التذاكر لإفلام موسم عيد الاضحي.. حيث لايزال فيلم "كيرة والجن" يسحب البساط من الجميع، ويحقق إيرادات يوميًا بشكل كبير، ولايزال فيلمي "عمهم" لـ محمد إمام و"بحبك" لـ تامر حسني يتصارعان على المركز الثاني في ايرادات موسم عيد الأضحي، النقاد كان لهم رأي حول سر اكتساح "كيرة والجن"، وأفلام العيد.
لماذا يلجأ المبدع إلي التاريخ؟ إما لتأجيج الروح الوطنية وإزكاء الانتماء إلي الوطن واستعادة الوعي أو لربط الماضي بالحاضر وترسيخ بعض القيم والمفاهيم لاستعادة الأصالة او لتسليط الضوء على بعض الشخصيات المقهورة تاريخية ولم تاخذ حقها اما لظلم وقع عليها وقتئذ أو لتصحيح خطأ تاريخيا او لعملية اسقاط الهدف منها تذكير الناس ببعض أحداث في التاريخ مازلنا نعاني منها إلي الآن، و فيلم كيرة والجن المأخوذ عن رواية 1919 لأحمد مراد هو فيلم يقوم باستحضار التاريخ لفترة تاريخية خصبة ظلمت دراميا وفيها من الاحداث والتفصيلات الكثير الذي لم يتطرق إليها الكتاب فيما عدا أديب نوبل الأستاذ نجيب محفوظ في روايته بين القصرين.. وكذلك الأستاذ يحيي حقي في كتابه صفحات من تاريخ مصر، والفيلم حالة درامية رائعة من تعاون المؤلف أحمد مراد والمخرج مروان حامد بعد عدة أعمال اشتركا فيها معا وتوجت هذه الحالة بفيلهما كيرة والجن.
وقد أكد مروان حامد أنه يمتلك من الادوات والعناصرپ الإخراجية ما يجعله متميزا فعلاوة على أنه ابن الكاتب الكبير وحيد حامد وتشرب بإبداعه ورؤاه الفنية فقد عمل مع المخرجين الكبار أمثال وحيد سيف ونادر جلال خاصة فيما يتعلق باعمال الأكشن والإثارة ومشاهد الرعب التي تميز فيها في أعمال سابقة.. لذلك نلاحظ أن أهم عنصر حافظ عليه مروان في هذا الفيلم الإيقاع، فبالرغم من ان مدة الفيلم تقترب من الثلاث ساعات لكن الفيلم يأخذك بأحداثه من اول مشهد حتي كلمة النهاية، بالنسبة للشخصيات فقد أعتمد مروان حامد على اسمين لهما تميزهما في الدراما المصرية عموما والسينمايية بصفة خاصة كريم عبد العزيز واحمد عز، فقد جسدا الشخصيتين الرئيستين في الفيلم وهما كيرة والجن وكانه نحتهما من التاريخ ولمعرفتي بهذين الرجلين من خلال حديثي مع الأستاذ يحيي حقي فقد شعرت عندما رأيت الفيلم أني أعرفها تمام المعرفة، كذلك شخصية دولت فهمي التي قامت بها هند صبري أكدت أن هند تستطيع الآن أن تقدم أي شخصية وتقوم برسمها بشكل جيد وكذلك سيد رجب، الحقيقة ان سر نجاح فيلم كيرة والجن هو تلك الخلطة الرائعة من المؤلف والمخرج واختيار النجوم والموسيقي والمؤثرات والديكور والماكياج والملابس كل هذه العناصر ساهمت في نجاح الفيلم، والفيلم يفتح المجال لإعادة فتح كتاب التاريخ لنأخذ من معينه الذي لا ينضب الكثير من الاحداث والشخصيات والمواقف، ويضيف إليها الكاتب من خياله بعض الرتوش والتفاصيل لإحداث الأثر الدرامي المطلوب دون إخلال بالصدق التاريخي.
أري فيلم "كيرة والجن" من الأفلام الجميلة التي أعادت الجمهور للسينما من جديد، لأن الفيلم مُقدّم بطريقة تجذب أي شخص حتي لو ما كان من عشاق السينما. فحقيقةً الكيرة والجن أضاف معرفة ومتعة للمشاهد وتثقيف وخصوصاً وجود نجوم محبوبة والصورة الاخراجية الجميلة والحبكة الدرامية، وأنا أري أن نجمة الفيلم هي مصممة الأزياء الرائعة "ناهد نصر الله" غير أن قصة الفيلم جديدة وان كانت قد قُدِّمت من قبل لكن من غير سخاء في الانتاج، انما في الكيرة والجن هناك سخاء انتاجي ضخم فكما قال المخرج مروان حامد لولا الانتاج لم يكن الكيرة والجن لأن اساس أي فيلم هوالانتاج وليس الممثل، اري أن هذا الفيلم سيظل في ذاكرة وتاريخ السينما المصرية كتجربة سينمائية عظيمة ورائدة، ففيلم الكيرة والجن حالة سينمائية فريدةمن نوعها لم تتكرر كثيراً من حيث توافر جميع العناصر السينمائية من نص جيد واخراج وتصوير وتصميم وأزياء وأداء ممثلين وانتاجپسخي، فمن الطبيعي أنه يستحق حصد ايرادات كبيرة غير أن الكاتب أحمد مراد كاتب واعي جميل محبوب له شباب كثير يحبون متابعته وقراءته، فكل هذه الأساسيات والعناصر وظِّفَت الفيلم لخدمة المشاهد ولجعله فيلم تاريخي، بالاضافة الي نجومية أحمد عز وكريم عبد العزيز كانت مهمة جدا وهي تدعم الفيلم اكثر بكثير، لأن طبيعة السينما أنه عند تقديم رسالة معينة لابد من تقديمها من خلال ممثلين محبوبين ذو جمهور كبير وموهبة عظيمة فهذين النجمين استطاعوا تقديم موهبتهم سابقاً واثبات انهم في قمة النضج من حيث الخبرة لديهم، أما بالنسبة لفيلم تامر حسني فأنا أري تامر ممثل ومؤدي جيد جدا لكنه يحتاج مخرج شاطر والمخرجون الكبار كثيرون في السينما المصرية مثل مروان حامد وشريف عرفة وغيرهم كثير، ولأن يترك كل العناصر في الفيلم على المخرج ولايتدخل في غير التمثيل والاغاني لانه يملك كاريزما وحضور وموهبة جميلة ولكن للأسف لم توظف بشكل جيد، ويحتاج أيضا لتقليل ظهوره حتي الجمهور يشتاق له اكثر لأنه في الأونة الأخيرة أصبح تواجده علي الساحة الفنية بشكل مستمر سواء في الاغاني او الاعلانات او التمثيل، مماجعل أدائه في الفيلم الأخير لايعجب الكثير من الجمهور وأن تجاربه السابقة لاقت نجاحا أكثر.
السينما المصرية أقدم صناعة في المنطقة العربية والإفريقية فقد كان أول عرض سينمائي لها في مدينة الإسكندرية في يناير 1896 بالتزامن مع اول عرض في باريس في ديسمبر عام 1895علي يد الأخوان لوميير، فالسينما مع بداية ظهورها كانت لاتقتصر على إنها مجرد صناعة فقط بل أيضا تجارة تهدف إلي تحقيق الأرباح من أجل الإستمرارية، فعندما ننظر إلي جمهور السينما نجد تختلف أذواقهم وإقبالهم على نوعية الأفلام التي تعرض بدار العرض، فهناك من يقبل على الأفلام الرومانسية وهناك من يقبل على أفلام الحركة والعنف وآخر يقبل على الأفلام الكوميدية وغيرها من نوعيات الأفلام، وقد يرتبط أيضا الإقبال الجماهيري على السينما طبقا لنجم العمل نظرا لما يقدمه من أداء تمثيلي وعمل فني يجذبهم إلي شراء تذكرة لمشاهدته، وفي الفترات الأخيرة أصبح لمخرج العمل دور كبير في إقبال الجماهير على شباك التذاكر نظرا لقدرة المخرج وموهبته في تقديم عمل يجذبهم، مثل يوسف شاهين وخالد يوسف وشريف عرفه ومروان حامد وغيره.
فعندما ننظر إلي الأفلام المعروضة حاليا في دار العرض من كيرة والجن للمخرج مروان حامد وفيلم بحبك أول تجربة إخراجية لتامر حسني وفيلم عمهم للمخرج حسين المنباوي، فإذا توقعنا من يكون له باع أكبر في الإقبال الجماهيري منذ بداية الإعلان عنهم سنجد كل التوقعات تذهب الي فيلم كيرة والجن حيث انه يجمع نجمين كبيربن لهما رصيد كبير عند الجمهور " كريم عبدالعزيز وأحمد عز" ومن إخراج مروان حامد الذي يحمل تقديرا كبيرا عند الجمهور وخاصة أنه قدم لهم فيلمي عمارة يعقوبيان وإبراهيم الأبيض اللذين حققا إيرادات وإقبالا كبيرا عليهما في دور العرض.
وإذا نظرنا إلي الفنان تامر حسني الذي يقدم أول تجربة إخراجية له والعمل من تأليفه وتمثيله وإنتاجه نجد أنها مغامرة كبيرة منه لأن العمل الفيلمي صناعة معقدة وصعبة وعندما يقوم فنان واحد بكل هذا يصبح تركيزه مشتت وقبل كل هذا لابد أن تتوافر لديه الموهبة والقدرة الكافية، فالإخراج يحتاج إلي سنوات طويلة من الدراسة والعمل لكي يتشبع بالخبرات ويكتسب القدرة على ممارسة الإخراج فالمهنة لاتقتصر على الوقوف في موقع التصوير وأصرخ بصوت عالي وأقول " أكشن" فالإخراج مهنة كبيرة وليست بالشئ اليسير، ولايمنع حديثي هذا أن احتكر حق أي فنان في أن يمارس كل أنواع العملية الإبداعية فهذا حقه ولايعرضه علي الإطلاق للسخرية ولكن لابد أن يكون مدركا ولديه القدرة والموهبة الكافية والتركيز، فتأتي إيرادات فيلم بحبك نتيجة للمكانة والنجومية الكبيرة التي يتمتع بها الفنان تامر حسني، ويأتي تحقيق فيلم "عمهم" من إيرادات فهو من إخراج حسين المنباوي الذي حقق نجاحا كبيرا وخاصة في العمل الدرامي جزيرة غمام ومن بطولة النجم محمد إمام الذي يتمتع أيضا بجماهيرية كبيرة، لكن في الحقيقة علي الرغم من ارتباط الجمهور سواء بنجم العمل أو المخرج لكن المعيار الأهم في إستمرار الجمهور في الإقبال عليهما مع تقديمهما لكل عمل هو اختيارهم للموضوع ومعالجته بطريقة تبعد عن التقليد وطريقة الإخراج الذي تجذبهم فقد رأينا الكثير من النجوم الذي كانوا يتمتعون بجماهيرية عظيمة لم تستمر هذه الجماهيرية والإقبال على عملهم نتيجة لتكرار أعمال دون المستوي التي جعلت الجماهير تنفر منهم، ولكن على كل حال لابد في الوقت الحالي أن نشجع أي تجربة سينمائية ونقابلها بالنقد البناء ونتجنب النقد الهدام اللاذع لها وخاصة في الوقت الحالي لأننا عانينا ومازالنا نعاني من انهيار كبير في صناعة السينما التي أري أنها بدأت تخطو خطوات نحو التعافي والرجوع إلي ازدهارها مرة آخري.
فيلم محمد امام نموذج لفيلم العيد التجاري الذي يجمع مابين الكوميديا والأكشن ومابين الخط الرومانسي بين محمد امام وهدي المفتي، يعتمد كعادته محمد امام على البطولة الجماعية ولم يعطي نفسه المساحة الكاملة وهذا ذكاء يحسب له بانه يعتمد على وجود أكثر من بطل كوميدي معه، لكني أري أنه من أكثر السلبيات الموجودة في الفيلم أنه ينتصر للشخص المخالف للقانون لمجرد أنه صاحب دم خفيف ولديه اخلاق، وهذه ظاهرة في أخر عشر سنين ظهرت بشكل كبير جدا في افلام محمد رمضان وفيلم ولاد رزق وفيلم كازابلانكا، فكرة المجرم صاحب الدم الخفيف المخالف للقانون الذي يتمكن من الهروب من المحاسبة لانه ينتصر علي المجرم صاحب الدم الثقيل، لكن حقيقة لازم يتواجد دور للقانون في الدراما ولايصح انتهاء الفيلم على ان ذات المجموعة التي تمارس اعمال مخالفة للقانون بان البطل منها يكمل مشواره دون أي معوقات.
اترك تعليق