هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

الرؤية المصرية لحل القضية الفلسطينية.. مطلب فلسطينى- عربى لـ"بايدن"

على الإدارة الأمريكية الضغط على إسرائيل والشروع فى تنفيذ حل الدولتين

على غرار أسلافه فى الإدارات الأمريكية المتعاقبة، اكتفى الرئيس الأمريكى جو بايدن بإطلاق الوعود والتعهدات بحل القضية الفلسطينية. لم يقدم سيد البيت الأبيض خطة لاستئناف عملية السلام المتعثرة بين إسرائيل والفلسطينيين، خلال لقائه مع الرئيس الفلسطينى محمود عباس فى بيت لحم


اكتفى الرئيس الأمريكى بالأقوال فقط وإطلاق الوعود، بإعلان دعمه لحل الدولتين، قائلا في المؤتمر الصحفي المشترك مع عباس : "لن نتخلى أبدا عن مساعينا لتحقيق السلام"، مشيرا إلى أن "الأوضاع غير مهيئة لحل الدولتين بسبب القيود الحالية على الفلسطينيين". 

وأوضح بايدن أن الولايات المتحدة تسعى إلى تحسين ظروف الحياة للفلسطينيين، كاشفا النقاب عن حزمة جديدة من المساعدات الاقتصادية والفنية للفلسطينيين. وتابع الرئيس الأمريكي: "علينا العمل مع الفلسطينيين والإسرائيليين لمستقبل أفضل للمنطقة". وشدد بايدن على أن الشعب الفلسطيني يستحق دولة مستقلة ذات سيادة.

من جهته، أكد الرئيس الفلسطيني لنظيره الأمريكي على أهمية إحياء أسس عملية السلام. وقال عباس: "متمسكون بدولة فلسطينية عاصمتها القدس بحدود يونيو 67، مضيفا أن السلام يبدأ بالاعتراف بحق دولة فلسطين.

وأعرب الرئيس الفلسطينى عن تطلعه إلى موقف أمريكي لإنهاء الاستيطان الإسرائيلي. وذكر عباس أن السلام يبدأ من فلسطين والقدس، مبديا استعداده للعمل مع الرئيس بايدن من أجل تحقيق السلام الشامل والعادل.

ويعد اللقاء بين عباس وبايدن الأول من نوعه منذ دخول الأخير البيت الأبيض بتعهدات تختلف عن سياسة سلفه دونالد ترمب التي اعتبر الفلسطينيون أنها تنحاز إلى الجانب الإسرائيلي.

وعلى الرغم من استئناف العلاقات بين السلطة الفلسطينية والإدارة الأمريكية برئاسة بايدن، يشعر الفلسطينيون بخيبة أمل من عدم تحويل الأقوال الأمريكية إلى أفعال.

وعقب دخوله البيت الأبيض، أعلن بايدن اعترافه بحل الدولتين كسبيل وحيد لحل الصراع العربي - الإسرائيلي، ومعارضته ترحيل أهالي القدس، وتوسيع الاستيطان، والإجراءات الأحادية، وتعهد إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس.

وتجاهل "إعلان القدس" الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وإسرائيل الذي وقعه بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد، الإشارة إلى حل الدولتين، لكنه شدد على مواصلة الجانبين العمل لمحاربة كل الجهود الرامية إلى مقاطعة إسرائيل، أو نزع الشرعية عنها، أو إنكار حقها في الدفاع عن النفس، أو استبعادها بشكل غير عادل في أي منتدى.

لكن بايدن أكد موقفه التقليدي بالدعم طويل الأمد والمتواصل لحل الدولتين، وللتقدم نحو واقع يمكن للإسرائيليين والفلسطينيين التمتع فيه بإجراءات متساوية من الأمن والحرية والازدهار. وأعرب بايدن عن استعداد واشنطن للعمل مع إسرائيل والسلطة الفلسطينية وأصحاب المصلحة الإقليميين لتحقيق هذا الهدف.

ونظرا إلى أنها قضية العرب الأولى، فمن الطبيعى أن تحتل القضية الفلسطينية الأولوية الأكبر في مناقشات قمة جدة التى تجمع بين الرئيس الأمريكى وتسعة من القادة العرب، الذين يتطلعون إلى سماع بايدن وهو يعلن التزام الإدارة الأمريكية بالعودة إلى الاهتمام بالقضية الفلسطينية، ووضع مبدأ حل الدولتين موضع التنفيذ. 

وتظل القضية الفلسطينية هى القضية العربية المركزية بالرغم من المتغيرات الإقليمية والدولية التى أدت إلى تراجع أولوية هذه القضية فى اهتمامات مختلف الأطراف، خاصة فى ضوء عاملين رئيسيين: أولهما، تصاعد المشكلات المثارة فى كل من سوريا وليبيا واليمن والسودان ولبنان والعراق. 

وثانيهما، اتفاقات التطبيع الإسرائيلية التى تم التوصل إليها خلال العامين الأخيرين مع كل من الإمارات والبحرين والمغرب والسودان والتى لم تكن القضية الفلسطينية حاضرة فى أى منها.

ولعل أهم التطورات التى يجب الوقوف عندها أن هناك محاولات متواصلة من جانب الولايات المتحدة، سواء الإدارة الجمهورية السابقة أو الإدارة الديمقراطية الحالية، لإعادة ترتيب الأوضاع فى المنطقة بما يتواءم مع مصالحها، وبحيث يتم إدماج إسرائيل فى المنظومة الإقليمية الاقتصادية والعسكرية والسياسية والأمنية، ودون أن يكون للقضية الفلسطينية أيضاً أى حضور فى هذه الترتيبات.

وفى خضم هذه التطورات، كان الدور المصرى سباقاً ومتمشياً مع تاريخ هذا الدور المشرف من حيث التأكيد على أولوية هذه القضية فى السياسة الخارجية المصرية، وأن تكون القضية دائماً فى دائرة الضوء، وأن يتم حلها من خلال المفاوضات دون أى تنازل عن الثوابت الفلسطينية المعروفة. 

فى الوقت نفسه، فإن مصر هى الدولة الوحيدة التى تتحرك بقوة فى الملفات المهمة المرتبطة بتأمين الوضع فى قطاع غزة سواء بالنسبة لإعادة الإعمار التى قطعت فيها مصر شوطاً كبيراً، أو تثبيت التهدئة وعدم التصعيد العسكرى بين حماس وإسرائيل، بالإضافة إلى التحرك المحسوب فى قضيتى المصالحة وتبادل الأسرى.

أما الجانب المؤسف والخطير فى الوقت نفسه، فإنه يرتبط بموقف إسرائيل تجاه القضية الفلسطينية؛ حيث لازالت تتعامل مع هذه القضية من منطلق الحفاظ على الوضع الراهن والقضاء على أية محاولات للاقتراب من فكرة حل الدولتين، بالتوازى مع تنفيذ سياسة ممنهجة فى مجال الاستيطان والتهويد والتهجير والاعتقال، الأمر الذى قد تعتقد معه الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة أنها سياسة ناجحة وقابلة للاستمرار دون مشاكل. لكن الواقع يشير إلى أن الأوضاع فى الأراضى الفلسطينية مرشحة للانفجار فى أى وقت، وهو الأمر الذى يبدو أنه لم يدخل فى الحسابات الإسرائيلية بالشكل المطلوب.

وإذا كان الرئيس الأمريكى جو بايدن يؤكد على مبدأ حل الدولتين، إلا أن هذا الموقف الأمريكى سوف يظل يدور فى دائرة مفرغة ما لم تمتلك واشنطن إرادة سياسية وآليات حقيقية لوضع مبدأ حل الدولتين موضع التنفيذ. 
ومع ذلك،  فإن الواقع يشير إلى أن زيارة بايدن للمنطقة تصب بطبيعة الحال فى صالح الولايات المتحدة، وكذا فى صالح إسرائيل، ولاسيما بالنسبة لمزيد من عملية دمجها فى المنظومة العربية ودون أن تقدم أية تنازلات لصالح القضية الفلسطينية. كما يسعى بايدن إلى تكتيل دول المنطقة من أجل المساهمة بدور أكبر لمواجهة المخاطر الإيرانية.

ولاشك أن الحسابات المصرية إزاء كافة هذه التطورات تنبع من رؤية منطقية وقراءة دقيقة لمتطلبات الواقع، وفى هذا المجال، من الضرورى الإشارة إلى أن مصر سوف تظل متمسكة برؤيتها الشاملة للمخاطر الحقيقية التى تواجه المنطقة، وأهمية التحالفات الاستراتيجية (العربية- العربية) للتصدى لهذه المخاطر أيا كان مصدرها، بالإضافة إلى تأكيد القيادة السياسية على قناعتها بأن أساس الاستقرار فى المنطقة يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالحل العادل للقضية الفلسطينية. 

وهناك التزام مصرى ثابت بالعمل على تحقيق آمال الشعب الفلسطينى المشروعة والحصول على كل حقوقه، وعلى رأسها الحق فى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 4 يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وبما يؤدي إلى إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حل الدولتين، ووفقاً لمقررات الشرعية الدولية والمبادرة العربية للسلام. وتلك الرؤية المصرية بشأن حل القضية الفلسطينية، تمثل مطلبا موحدا للقادة العرب من الرئيس الأمريكى فى اجتماع جدة.





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق