دخول الازمة الروسية الاوكرانية شهرها الخامس وتفاقم الاوضاع الاقتصادية العالمية خاصة ازمة الغذاء التي ضربت بعنف الدول النامية والفقيرة و التي عانت من خسرت جانبا من احتياطياتها الاجنبية في مواجهة التحديات الدولية، كانت وراء تحرك المؤسسات النقدية الدولية واستجابتها لطلب العديد من هذه الدول مساندتها في مواجهة هذه التحديات.
وفي إطار استجابة عالمية شاملة لأزمة الأمن الغذائي التي ترتبت على ازمة الحرب الروسية الاوكرانية جاءت موافقة البنك الدولي على تقديم قرض بقيمة 500 مليون دولار لمصر لتعزيز جهود مصر لضمان توفير الخبز للأسر الفقيرة والاكثر احتياجا الي جانب تعزيز قدرة البلاد على الصمود أمام الأزمات الغذائية، ودعم الإصلاحات على مستوي السياسات الخاصة بالأمن الغذائي.
ويأتي التمويل الجديد في اطار اجراءات يعتزم البنك اتخاذها من خلال إتاحة ما يصل إلي 30 مليار دولار في مشروعات قائمة وجديدة في مجالات مثل الزراعة والتغذية والحماية الاجتماعية والمياه والري في العديد من البلدان التي تأثرت بشكل كبير من الازمة الروسية الاوكرانية ومن بينها مصر وتونس التي حصلت بدورها علي قرض بقيمة 130 مليون دولار.
ويشمل هذا التمويل تشجيع إنتاج الأغذية والأسمدة، وتعزيز الأنظمة الغذائية. وتسهيل المزيد من أنشطة التجارة، ومساندة الأسر والمنتجين الأكثر احتياجا.
وتعد مصر، أكبر مستورد للقمح في العالم، وتعتمد على روسيا وأوكرانيا للحصول على 85 % من امداداتها ولذلك كانت الحرب بمثابة الصدمة حيث يعد القمح سلعة غذائية اساسية في مصر ويمثل القمح ما يتراوح بين 35% و39% من السعرات الحرارية التي يحصل عليها المواطن المصري.
ووفقا للوثائق التي قدمتها مصر للبنك الدولي وتضمنت اسباب طلب القرض فان حرب أوكرانيا تسببت في مخاطر كبيرة على الأمن الغذائي العالمي بما في ذلك ارتفاع ملحوظ في أسعار المواد الغذائية الأساسية وارتفاع شديد في أسعار الوقود والاسمدة ويعتبر الاتحاد الروسي من كبار المصدرين للغذاء "الحبوب، وخاصة القمح وزيت الطعام"، كما يعد الاتحاد وبيلاروسيا أيضًا من بين أكبر مصدري الأسمدة، ولذلك كان للتوقف المفاجئ في الصادرات اثره الكبير على الأمن الغذائي، ولاسيما للبلدان الفقيرة التي تعتمد على الاستيراد.
اوضحت الوثائق ان مصر باعتبارها اكبر مستورد للقمح في العالم تلقت صدمة كبيرة بسبب الحرب.
وتشير توقعات وزارة الزراعة الأمريكية في مارس الماضي إلي أن واردات مصر في عام 2022 ستنخفض بنسبة 8.3% أي بحوالي مليون طن، وهو ما يعادل استهلاك شهر كامل من القمح.
تضاعف اسعار القمح
ووفقا لوثائق الحكومة المصرية فقد ارتفعت أسعار المواد الغذائية العالمية منذ عام 2020 بسبب اضطرابات سلسلة التوريد الناجمة عن COVID-19، وبلغ متوسط أسعار القمح 280 دولارًا أمريكيًا للطن خلال الأشهر الخمسة الأولي من عام 2021، ووصلت إلي 317 دولارًا أمريكيًا للطن بحلول نوفمبر 2021، ووصلت إلي حوالي 500 دولار أمريكي في فبراير وأبريل الماضيين.
وادي ارتفاع أسعار الغذاء والوقود الي تحرك الأسعار المحلية تدريجيا، ليرتفع التضخم إلي 8.8% في فبراير 2022 ثم 10.5% في مارس الماضي وواصل الصعود في الشهور التالية ليسجل نسب اعلي بكثير من المتوسط البالغ 6% بداية السنة المالية 2021/2022، مما يعكس التداعيات المبكرة للحرب في أوكرانيا.
وبحسب الوثائق فان برنامج دعم الخبز في مصر يتطلب حوالي 9 ملايين طن من القمح سنويًا -حوالي نصف إجمالي استهلاك القمح في مصر وثلاثة أرباع واردات مصر من القمح- حيث يتم طحن هذا القمح لإنتاج دقيق استخلاص 82%.
و تنفق الحكومة المصرية حوالي 3 مليارات دولار أمريكي سنويًا علي واردات القمح. ويمكن أن تؤدي الاضطرابات الحالية في سلسلة التوريد وما ينتج عنها من زيادة في الأسعار إلي مضاعفة هذا المبلغ تقريبًا ليصل إلي 5.7 مليار دولار أمريكي ويحتمل لذلك أن يعطل برنامج دعم الخبز في مصر.
تخفيف تداعيات الحرب
وبحسب البنك الدولي فان قرض النصف مليار دولار يسهم في التخفيف من تداعيات الحرب في أوكرانيا على الأمن الغذائي والتغذوي في مصر.. حيث ان الاتحاد الروسي وأوكرانيا هما أكبر مُصَّدِرين للقمح في العالم، وقد أدت هذه الحرب إلي ارتفاع الأسعار ونقص المواد الغذائية، لا سيما بالنسبة للأشخاص الذين يعتمدون على الخبز في تلبية احتياجاتهم الغذائية اليومية.. مشيرا الي ان الخبز من السلع الأساسية للمواطنين في مصر، ولذلك فالمشروع الجديد يربط واردات القمح بالمساعدة المباشرة للفئات الفقيرة والأكثر احتياجاً من السكان من خلال برنامج دعم الخبز في مصر.
قالت مارينا ويس، المديرة الإقليمية للبنك الدولي المسؤولة عن مصر واليمن وجيبوتي ان هذا القرض الطارئ يأتي في منعطف حرج للغاية حيث تهدد الحرب في أوكرانيا الأمن الغذائي للعديد من البلدان، لافتة الي ان التمويل جزء من جهود أوسع نطاقاً للبنك الدولي لمساندة التعافي الأخضر والشامل للجميع والقادر على الصمود في مصر، مؤكدة حرص البنك الدولي على دعم مصر باستمرار في التغلب علي العقبات التي تعترض خططها الطموحة للتنمية المستدامة. ومواصلة تمكينها من تمهيد الطريق.
تلبية احتياجات المواطنين
من جانبها اكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي في تصريحات لها حول القرض انه يعكس الالتزام القوي من جانب الحكومة بضمان استمرار تلبية احتياجات المواطنين حتي في ظل السياق العالمي الحافل بالتحديات والصعوبات الناجمة عن الأزمات المتلازمة مثل جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا، بالاضافة إلي ضمان الأمن الغذائي المستدام.
ووفقا للبنك الدولي يمول القرض المشتريات الحكومية من واردات القمح بما يعادل شهراً واحداً من الإمدادات لبرنامج دعم الخبز لصالح نحو 70 مليون مصري من محدودي الدخل. يعيش منهم نحو 31 مليون مواطن تحت خط الفقر الوطني، ويساند جهود الدولة للحد من كميات الهدر والفقد التي يتم تكبدها في سلسلة إمداد القمح من خلال تحديث وتوسيع صوامع القمح المقاومة لتقلبات المناخ، وتحسين الإنتاج المحلي للحبوب على نحو مستدام، وتدعيم استعداد مصر وقدرتها علي الصمود أمام الصدمات المستقبلية.
لفت الي ان التمويل الجديد يدعم مصر من خلال تعبئة مساعدات الإغاثة الفورية قصيرة الأجل لمعالجة صدمات العرض والأسعار، كما يعزز إستراتيجية التغذية للشرائح الفقيرة والأكثر احتياجاً من السكان مشيرا الي ان عددا كبيرا من الأسر في مصر اضطر إلي تخفيض استهلاكها الغذائي خلال جائحة كورونا، الأمر الذي قد يترك أثراً ممتداً على جانب التغذية لدي الأطفال صغار السن و على نموهم الإدراكي والمعرفي واكد ان إستراتيجية تحسين مستوي التغذية. يشكل عنصراً أساسياً من العناصر التي يتضمنها هذا التمويل.
تراجع واردات القمح
من ناحية اخري أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن قيمة واردات مصر من القمح سجلت 2.4 مليار دولار خلال الـ 11 شهر الأولي من عام 2021، مقابل 2.9 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2020 بنسبة انخفاض قدرها 16.2%.
اشار الي ان كمية واردات مصر من القمح بلغت 6.1 مليون طن خلال الـ 11 شهر الأولي من عام 2021 مقابل 11.8 مليون طن خلال نفس الفترة من عام 2020 بنسبة انخفاض قدرها 48.4%.
وتصدرت روسيا قائمة أعلي عشر دول استوردت مصر منها القمح خلال 2021.. حيث سجلت قيمة واردات مصر منها 1.2 مليار دولار وبكمية بلغت 4.2 مليون طن بنسبة 69.4% من إجمالي كمية واردات مصر من القمح. وجاءت أوكرانيا في المرتبة الثانية بقيمة 649,4 مليون دولار. وبكمية 651,4 ألف طن بنسبة 10,7%.
أرصدة آمنة
حول مدي توافر ارصدة امنة من القمح والمواد الاساسية الاخري اكد الدكتور علي المصيلحي وزير التموين والتجارة الداخلية قبل ايام ان مخزون القمح يكفي 5.7 أشهر ويغطي الاستهلاك حتي نهاية العام الجاري فيما يوجد مخزون من السكر مخزون يكفي 6.7 أشهر.
اما الارز فمصر لديها اكتفاء ذاتي لافتا الي ان الوزارة سوف تدخل مشتريك الأرز الشعير العام القادم لضمان توفير الأرز على مدار العام.
اترك تعليق