استخدم الرئيس الأمريكي جو بايدن لهجة خطاب نادرة من البيت الأبيض للتحدث إلى الأمريكيين عن مخاطر عمليات القتل الجماعية الإرهابية، بينما حث الكونجرس على الموافقة على تشريع يحظر تداول الأسلحة الهجومية لوقف وباء عمليات إطلاق النار الجماعي في أمريكا، بما في ذلك الحوادث الأخيرة في نيويورك وتكساس وأوكلاهوما، وفق ما ذكرت صحف أمريكية منها صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية
هل تفلح واشنطن فى حظر انتشار الأسلحة بين الأمريكيين؟
.
صاح بايدن في خطابه بكلمة "كفى كفى" لوقف عمليات القتل المروعة، مكررا الكلمة بينما كان يقف وسط سطرين من الشموع البيضاء لتأبين ضحايا موجات إطلاق النار الأخيرة.."السؤال الآن ، ماذا سيفعل الكونجرس حيال ذلك؟".
كرر بايدن في خطابه مطالبه بوضع قيود تشريعية لوقف هذا العبث بالأرواح، مشيرا إلى المقترحات التي اقترحها الديمقراطيون منذ فترة طويلة ورفضها العديد من الجمهوريين على مر السنين.
وقال بايدن بعد تقديمه الدعم للمحادثات بين الحزبين في مجلس الشيوخ "حقيقة أن غالبية أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين لا يريدون حتى مناقشة أي من هذه المقترحات أو طرحها للتصويت ، أجد أنه أمر غير معقول".. وتابع : "لن أستسلم أبدًا، وإذا فشل الكونجرس، أعتقد هذه المرة أن غالبية الشعب الأمريكي لن يستسلم أيضًا" .
أعتقد أن الغالبية منكم ستعمل على تحويل غضبهم إلى جعل هذه القضية مركزية في التصويت، لصالح وضع حد لهذه القضية . وفي وقت سابق من يوم الخميس، بدأت اللجنة القضائية في مجلس النواب بالنظر في العديد من الإجراءات المتعلقة بالأسلحة النارية، بما في ذلك دعوة لتجديد حظر بيع الأسلحة الهجومية الذي انتهى في عام 2004 .
وواصلت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين تقييم مجموعة متواضعة من المقترحات التي قد تتطلب 60 صوتًا على الأقل للتقدم وسط دعوات لواشنطن للتحرك.
تم استخدام عبارة "التفاؤل بحذر" مرارًا من قبل المشرعين والمحافظين الذين يدعمون القيود المفروضة على الأسلحة، وسط مخاوف الناخبين بشأن تقليص حقوق التعديل الثاني من الدستور الأمريكي.
ويعتقد المسئولون المنتخبون في كلا الحزبين إنهم غير متأكدين من أن أي تغييرات فيدرالية يتم النظر فيها هذا الصيف ستمنع المزيد من عمليات إطلاق النار الجماعية، لكن إنقاذ حياة شخص واحد سيكون انتصارًا.
ومن بين الأفكار التي يرى المشرعون الأمريكيون، أنت من الأولى إقرارها، عمل تدقيق كبير في هوية وخلفية المتقدمين بطلب الحصول على سلاح شخصي، ورفع السن القانوني لحمل السلاح من 18 إلى 21 سنة، والدعم الفيدرالي لأمن مدرسي أكثر صرامة، والمزيد من التمويل لمساعدة من عليهم علامات قلق حول صحتهم العقلية.
ويدعو العديد من الديمقراطيين، بما في ذلك بايدن ، إلى حظر بيع الأسلحة الهجومية وخزائن الذخيرة عالية السعة، على الرغم من أنهم يعلمون أن الاحتمالات صعبة في أن يتبنى مجلس النواب أو مجلس الشيوخ مثل هذا التشريع في أي وقت قريب.
في اجتماع لجنة مجلس النواب يوم الخميس الماضي، قام النائب جريج ستيوبي (جمهوري من فلوريدا) ، بوضع عدد من المسدسات أمامه خلال جلسة بالفيديو لأعضاء النواب ، مما أدى إلى اعتراض النائبة شيلا جاكسون لي (ديمقراطية من تكساس) ، التي قالت ، "أتمنى ألا أرى أسلحة مرة أخرى على هذا النحو".
وفي هذا السياق، أيدت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي (ديمقراطية من كاليفورنيا) تجديد الحظر الفيدرالي على الأسلحة الهجومية وقالت الأسبوع الماضي إن مجلس النواب "سيصادق" على مثل هذا التشريع" .
ويمتلك أعضاء مجلس النواب الديمقراطيين الأصوات الكافية لإقرار مثل هذا الحظر، لكن قد يحتاج الديمقراطيون إلى بعض من أصوات الحزب الجمهوري لتمرير التشريع.
من ناحية أخرى ، قدمت السلطات في تولسا يوم الخميس الماضي تفاصيل جديدة عن مسلح قتل أربعة أشخاص ثم أطلق النار على نفسه يوم الأربعاء في مستشفى في أوكلاهوما.
استهدف مايكل لويس ، 45 عامًا ، من موسكوجي بولاية أوكلاهوما ، طبيبا بعد أن اشتكى من الألم المستمر بعد جراحة أجريت له في الظهر، وعندما لم يستجب له أحد، قام بفتح النار على الناس وأسقط ضحايا. وقالت الشرطة إن لويس اشترى بندقية نصف آلية من طراز AR وحمل رسالة يشرح فيها أسبابه غير المبررة على الإطلاق لقتل الناس، وعثر عليها في جيبه.
قُتل لويس في حرم مستشفى سانت فرانسيس في تولسا الطبيبان بريستون فيليبس وستيفاني هوسن وموظفة الاستقبال أماندا جلين والمريض ويليام لوف. ووصفت الصحيفة الأمريكية الأمر بالمروع والخطير، والذي لا يمكن تخيل حدوثه في أي دولة أحرى.
وقد بلغت حوادث إطلاق النار الإرهابية العشوائية ٢٣١ حادث إطلاق نار جماعي هذا العام فقط في الولايات المتحدة ، وفقًا لتقرير صحيفة "واشنطن بوست" التى قالت إن هذه هي المرة العشرين منذ إطلاق النار الأسبوع الماضي على مدرسة ابتدائية في أوفالدي بولاية تكساس، مما أسفر عن مقتل 19 طفلاً ومعلمين.
ولم يمر أسبوع واحد في عام 2022 دون أربع عمليات إطلاق نار جماعية على الأقل، منذ يناير وحتى شهر مايو الماضي. وتصاعدت حوادث إطلاق النار الجماعي في السنوات الأخيرة. في عام 2021 ، وقع ما يقرب من 700 حادث من هذا القبيل ، من 611 في عام 2020 و 417 في عام 2019.
قبل ذلك ، لم تكن حوادث الإرهاب الداخلي قد تجاوزت 400 حالة قتل سنويًا منذ أن تم البدأ في عمل توثيق لحالات القتل وعنف السلاح في التتبع في عام 2014. واعتبرت "واشنطن بوست" أن الخسائر نتيجة فوضى السلاح هائلة، حيث أسفرت عمليات إطلاق النار الجماعية إلى مقتل 256 شخصًا وإصابة 1010 آخرين حتى نهاية شهر مايو.
وأكدت الصحيفة على ضرورة التحرك في أعقاب عمليات إطلاق النار الأخيرة على المدرسة في أوفالدي بتكساس التي أسفرت عن مقتل 19 طفلاً واثنين من المعلمين .
ودعا الديموقراطيون في الولايات المتحدة إلى قوانين وطنية أكثر صرامة للأسلحة النارية. ومع ذلك ، يعتقد العديد من الخبراء أن آفاق الإصلاح لا تزال قاتمة ، وهي حقيقة تُعزى إلى التأثير الساحق للوبي السلاح.
وعدت الرابطة الوطنية للبنادق " بالتفكير في " المأساة في مؤتمرها الوطني في هيوستن ، تكساس ، بعد إطلاق النار في 24 مايو. في غضون ذلك، واصل المدافعون عن حمل السلاح عن حق الناس في السلاح، وقدموا مقترحات مثل تحسين الشروط الخاصة للمتقدمين لحمل السلاح، من ناحية الصحة العقلية ، و "تقوية" المدارس بزيادة الأمن، وربما حتى تسليح المعلمين ليكون ذلك بمثابة رادع يقي من حوادث الإرهاب دون الاضطرار للموافقة على حظر الأسلحة الهجومية.
ويستفيد العديد من المشرعين الجمهوريين من ملكية السلاح في تثبيت قاعدتهم من الناخبين المحافظين. ورغم هذا العدد الكبير من ضحايا الإرهاب المحلي الأمريكي، تواصل جماعات الدفاع عن حمل السلاح عن حق الناس في السلاح وتضغط على أعضاء الكونجرس لمقاومة أي تشريع يمكن تفسيره على أنه حتى معادٍ للسلاح.
في الربع الأول من عام 2022 ، على سبيل المثال، أنفقت جماعات السلاح أكثر من 600000 دولار أمريكي (حوالي 500000 جنيه إسترليني) على عمليات الضغط ومقاومة حظر السلاح.. ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم فقط في النصف الثاني من هذا العام وسط انتخابات التجديد النصفي لعام 2022 بالإضافة إلى تجدد مطالب الليبراليين بإصلاح قوانين حمل السلاح.
وحول رأي الناس في أمريكا، تظهر الإستطلاعات أن أكثر من 50٪ بقليل من الأمريكيين يريدون قوانين أكثر صرامة لمراقبة الأسلحة بشكل عام. بل إن التأييد أكبر لحظر الأسلحة الهجومية بنسبة 63٪. واستبعدت الصحافة الأمريكية أن يتم فرض تشريعات تحظر السلاح بشكل كبير في كل أمريكا هذه المرة، رغم فداحة وخطورة ما وصل إليه الانفلات الأمني في أمريكا.
اترك تعليق