تتجه الأنظار غدا الخميس إلي اجتماع لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري للنظر في أمر رفع سعر الفائدة مرة ثانية من عدمه بهدف مواجهة موجة التضخم الحالية وغير المسبوقة وأيضا عقب قيام البنك الفيدرالي الأمريكي وعدد آخر من البنوك المركزية بالدول العربية برفع سعر الفائدة علي خلفية الحرب الروسية- الأوكرانية وزيادة الأسعار علي مستوي العالم.
تباين آراء خبراء وأساتذة الاقتصاد ما بين مؤيد لرفع سعر الفائدة لمواجهة موجة التضخم العالمية والحد من خروج الاستثمار الأجنبي من مصر وبين معارض لأي زيادة جديدة في سعر الفائدة ومطالبين بالابقاء عليها كما هي حتي لا يؤدي ذلك إلي زيادة أعباء الديون وتكلفة الاقتراض مما يؤثر سلباً علي القطاع الخاص. ولكن مع ضرورة طرح أوعية ادخارية لمدة أطول من عام لإعطاء مزيد من الثقة في العملة الوطنية.
يقول د. فريد محرم الأستاذ بتجارة عين شمس انه لا صوت يعلو علي صوت الأزمة الاقتصادية في مصر. والتي تشهر أنيابها من ارتفاع سعر الصرف. إلي المعوقات التي تتزايد كل يوم أمام عمل المستثمرين الأجانب. إلي تناقص الاحتياطي النقدي إلي عجز الموازنة. وليس انتهاء بارتفاع الأسعار.
أضاف أنه لا يمكن حل الأزمة الاقتصادية إلا إذا وضعنا أيدينا علي جوهر الأزمة. وجوهر أي أزمة اقتصادية وسببها الأساسي دائما هو "عجز الموازنة" وإذا استطعنا ان نجد حلاً لهذه المشكلة فسنستطيع ان نجد حلا لجميع المشاكل التالية المترتبة عليها. فتعود الأسعار للانخفاض. ويهدأ سعر الصرف. ويقل العجز في ميزان المدفوعات. وبالتالي يقل الضغط علي سعر الصرف في السوق. ويعود سعر الجنيه للانخفاض مرة أخري.
أوضح انه اذا كانت بداية حل الأزمة الاقتصادية تبدأ من "عجز الموازنة" فإن القراءة الأولية في الموازنة المصرية تكشف عن أن حل العجز فيها ليس سهلا. لأن الحكومة لا يمكنها الاقتراب من ثلاثة أرباع المصروفات التي تذهب للمرتبات والصحة والتعليم. وهذا يعني ان العجز مستمر.
أشار إلي انه اذا كان لا يمكن تخفيض المصروفات بصورة كبيرة. كما لا يمكننا ان نزيد الايرادات بصورة مؤثرة الحل هو ان نقوم بالخطوتين في نفس الوقت. أن نحاول تخفيض المصروفات دون ان يؤثر ذلك علي المواطن محدود الدخل. ودون ان تزيد الأعباء عليه. مع الاهتمام في نفس الوقت بزيادة الايرادات بشكل أكبر. وهو ما يفتح أمامنا بابا لأزمة أخري. وهي المشكلات التي ستقابلها الاقتراحات بزيادة الايرادات.
أوضح د. محرم ان زيادة الايرادات تكون أيضا من خلال زيادة النشاط الاقتصادي الذي يمكن اعتباره المفتاح الرئيسي لحل عجز الموازنة وحل عجز الموازنة مفتاح الاستقرار. واللجوء إلي النشاط الاقتصادي هو الحل الأمثل لمصر. فضلا عن انه سيكون عكس ما سيطلبه صندوق النقد الدولي. الذي سيطالب بإجراءات ضد المواطنين اذا طلبنا قروضا.
واصل: واذا كنا نقول ان الحل هنا هو زيادة النشاط الاقتصادي فعلي الدولة أولا ان تعرف ما الأسباب التي أدت إلي توقف هذا النشاط. وعليها ان تجد حلا لهم لعدم الاستقرار في سعر الصرف. لأن القرارات المضطربة التي ترفع سعر الصرف. ثم تخفضه. ثم تحرره لن تدفع المستثمرين في النهاية الا الي الهروب من السوق المصرية. كما علي الدولة ان تعيد النظر مرة أخري في قانون الاستثمار. خاصة مع الشكاوي المستمرة من جانب المستثمرين من مواد القانون الجديد.
يقول د. أحمد مطاوع الأستاذ بتجارة المنصرة ان اتخاذ مجلس الاحتياطيپالفيدراليپقرار برفع سعر الفائدة بنصف نقطة مئوية. وهي أكبر زيادة منذ عام 2000 في محاولة للحد من موجة التضخم الذي بلغ أعلي مستوياته منذ 40 عاماً. وهو أمر آثار العديد من التساؤلات حول موقف البنك المركزي المصري من هذا القرار وهل هناك ارتفاع في سعر الفائدة سوف يسفر عنه الاجتماع القادم؟ ولماذا أدي ارتفاع سعر الفائدة علي الدولار الي حدوث ارتباك في اقتصاديات معظم دول العالم؟
أجاب د. مطاوع ان ما نحن بصدده الان هو ناتج طبيعي للعولمة المالية التي فرضت نفسها علي معظم دول العالم منذ ثمانينيات القرن الماضي. تلك العولمة التي لم يكن لمعظم دول العالم اختيار في الاندماج فيها من عدمه. ورغم العديد من المنافع المتوقعة التي ابهرت العديد من الاقتصاديين في وقت ظهور العولمة المالية. إلا ان التاريخ يسجل الان العديد من المخاطر التي نتجت عن العولمة المالية. ومن أهمها مخاطر تصدير الازمات الاقتصادية من دولة الي أخري. مخاطر تهريب الأموال الوطنية الي الخارج. مخاطر أزمات السيولة في البنوك. و مخاطر التضخم وتأثيره المحتمل علي الاستقرار السياسي.
أوضح أن سعر الفائدة يظهر كأحد اهم الأدوات لاستيعاب الصدمة الاقتصادية وتأثيرها علي سعر الصرف ومعدلات التضخم. وقد نجح المركزي المصري في استيعاب الصدمة الأولي بزيادة سعر الفائدة. ولكن هل يعاود المركزي المصري رفع سعر الفائدة مع اعلان پالفيدراليپالثاني.
أكد د. علاء زلط الأستاذ المساعد بتجارة المنوفية ان قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي برفع سعر الفائدة بنصف نقطة مئوية في بداية مايو الجاري صاحبه إعلان بنوك كل من الكويت والإمارات والبحرين وقطر رفع سعر الفائدة بنفس النسبة. منوهاً إلي أن قرار المجلس الفيدرالي الأمريكي يرجع لأسباب اقتصادية منها كبح جماح التضخم الذي وصل ذروة مستوياته في السوق الأمريكي منذ عام 1982 ليصل إلي 8.5%. بالإضافة إلي الأسباب السياسية الناجمة عن مواجهة أمريكا للزحف الاقتصادي للعملاق الصيني وروسيا.
أضاف ان هذا القرار أدي إلي زيادة ملحوظة في تكلفة المنتجات نتيجة ارتفاع فاتورة الطاقة وتوقف سلاسل إمداد المواد الخام متأثرة بالحرب الروسية الأوكرانية.
أوضح ان الأنظار في مصر تتجه إلي اجتماع لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي غداً الخميس والتي من المتوقع في ضوء قراءة معدلات التضخم في السوق المصري عن شهر أبريل أن تقوم برفع أسعار الفائدة بين 0.5% و1.5% وذلك بهدف الحد من خروج الاستثمارات غير المباشرة في أدوات الدين ولمعادلة موجة التضخم المستورد المتوقعة بالشكل الذي يعمل علي امتصاص السيولة النقدية والحد من آثار الزيادة في الاستهلاك الناجمة عن الاستيراد.
توقع د. زلط أن يتزامن ذلك مع دعم استمرار بنكي مصر والاهلي في إصدار الشهادات ذات الفائدة 18% لحين توافر بدائل لمصادر التمويل الخارجية والمتمثلة في صندوق النقد الدولي. وسوف يؤدي رفع سعر الفائدة إلي تأثيرات اقتصادية مؤلمة وخاصة فيما يتعلق بفاتورة الدين الخارجي بالإضافة إلي الإرتفاع المتوقع في الأسعار.
أشار إلي أنه في ضوء السياسات التي تتخذها الحكومة المصرية لجذب رؤوس الأموال الأجنبية وخاصة من دول الخليج الشقيقة بعيداً عن المضاربات الأجنبية والأموال الساخنة فإنه من المتوقع أن يتعافي الاقتصاد المصري مع نهاية الربع الثالث من العام الجاري لتمر مصر بسلام من هذه الأزمة التي تضرب دول العالم أجمع.
أكد د. مجدي مليجي عبدالحكيم الأستاذ بكلية التجارة جامعة بنها ان بعد قيام البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي برفع سعر الفائدة للمرة الأولي منذ عام 2018 بمقدار نصف نقطة مئوية. إلي نطاق يتراوح بين 0.75%. 1% لمواجهة ارتفاعات التضخم. واتجاه عدد من البنوك المركزية في بعض الدول العربية برفع سعر الفائدة مثل السعودية. والأمارات. والبحرين. والكويت. وقطر. والأردن علي خلفية الحرب الروسية الأوكرانية وزيادة الأسعار علي مستوي العالم . فمن المتوقع أن تتخذ لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري في اجتماعها المقرر عقده غداً الخميس قرار برفع سعر الفائدة ما بين 0.5% و1% وذلك للحفاظ علي التضخم عند مستوي معقول لتقليل الطلب مقابل العرض وبالتالي وقف ارتفاع الأسعار وخفض التضخم وهو ما يسمي بتشديد السياسة النقدية.
أضاف ان لجنة السياسات النقدية تستند في ذلك إلي مواكبة الاتجاه العالمي لرفع سعر الفائدة. وزيادة قيمة العملة المحلية لمواجهة ارتفاع سعر الدولار. وتوازن سوق العمل. وكذلك ارتفاع معدلات التضخم حيث أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء في 10 مايو الحالي ارتفاع الرقم القياسي لأسعار المستهلكين لشهر أبريل الماضي إلي 2.4% مقارنة بمعدل 0.7% في ذات الشهر من العام السابق. وبالتالي سجل المعدل السنوي للتضخم الأساسي 11.9% في أبريل الماضي مقابل 10.1% في مارس الماضي.
تقول د. نيفين حسين أستاذ الاقتصاد الدولي المساعد انه في ضوء الأحداث العالمية المتسارعة التي تواجهها مصر جراء النزاع السياسي بين روسيا وأوكرانيا وما نتج عنها من اضطرابات في الأسواق العالمية. وآثارها المباشرة علي السوق المحلي حيث ارتفع معدل التضخم السنوي في مصر ليبلغ 14.9% في ابريل 2022 مقابل 12.1% لنفس العام وفقاً لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء . ويتجاوز معدل التضخم السنوي النطاق المستهدف الذي وضعه البنك المركزي وهو 7% "بزيادة أو نقص 2%".
أضافت أنه مع انعقاد لجنة السياسات النقدبة بالبنك المركزي المصري غداً الخميس اتوقع ان البنك المركزي سيعمل علي تثبيت سعر الفائدة . حيث ان سبق للبنك المركزي رفع سعر الفائدة بنسبة 1% في اجتماعه الاستثنائي في 21 مارس الماضي ليصل سعر الفائدة الي 9.25 للايداع و 10.25% للاقراض . كما تم طرح شهادة ادخار لمدة سنه بعائد 18% يصرف شهرياً. وتعد كل هذه القرارات قرارات إستباقية لتداعات الازمة الاقتصادية العالمية . لذا فلا داعي لرفع سعر الفائدة مرة أخري.
اترك تعليق