هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

"الجمهورية أون لاين".. ناقشت قضية الساعة.. بأسوان

"المستريحين ".. لهفوا فلوس الطماعين

الخسائر ليست مالية فقط.. دمروا أيضا الثروة الحيوانية
 الوعدة وعملية البيع والشراء العشوائية بالأسواق .. أجهزت علي المواشي 
الخبراء  : ظاهرة خطيرة تواجه المجتمعات النامية ..
تطوير الشمول المالي ورفع حد الاعفاء الضريبي  الحل
المستريح يتمتع بالذكاء الشديد وينصب شباكه علي راغبي الثراء السريع
علماء الدين :كسب غير حلال.. وكلها نصب واحتيال

شهدت محافظة أسوان انتشارا لظاهرة المستريحين في الكثير من مدن ومراكز المحافظة خلال الشهور الماضية.. حتي وصف البعض أسوان بأنها بلد المستريحين.. و نتيجة غياب الوعي واستسهال الكسب السريع سقط العديد من المواطنين في شباك هؤلاء النصابين ولهفوا منهم مئات الملايين من الجنيهات وفروا هاربين.. وأمام تعدد البلاغات سقط بعضهم في أيدي الأجهزة الامنية والبقية ستأتي تباعا خلال الأيام المقبلة في ظل تساقط الواحد تلو الأخر.


"" ناقشت القضية مع العديد من الأطراف وطرحت عليهم تساؤلات الساعة: ما هي الأسباب التي أدت لقيام المواطنين باعطاء اموالهم وممتلكاتهم برضا وطيب خاطر لهؤلاء المستريحين وتفضيلهم على القنوات الشرعية للاستثمار وايداع الاموال في ظل أن بعضهم كانوا سوابق وخرجوا للتو من السجن؟!

وما هي الحيلة التي استخدمها المستريحون لاقناع الأهالي بمنحهم كل ما يملكون عن طيب خاطر؟!
وما هي الأضرار التي لحقت بالثروة الحيوانية نتيجة عمل المستريحين في بيع وشراء الماشية بدون أي قواعد أو آليات بيطرية سليمة؟!وكيف نجذب صغار المستثمرين لوضع أموالهم وممتلكاتهم ضمن الاقتصاد الرسمي للدولة؟! 
وما هي الشبهات التي تدور حول التعامل مع المستريحين ورأي الدين في التعامل معهم؟

الذكاء الحاد

يقول الدكتور محمد عباس برسي "أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة  جامعة أسوان" أن ظاهرة المستريح من أخطر الظواهر التي تواجه المجتمعات النامية التي يمثل فيه الاقتصاد غير الرسمي نسبة كبيرة من حجم التعاملات المالية حيث يجد المستريح بيئة خصبة لممارساته الاجرامية.. موضحا أن الشخص المستريح يتمتع بالذكاء الحاد ويبدأ عمليات النصب والاحتيال بكسب ثقة الأفراد أولا تمهيدا للاستيلاء على أموالهم وممتلكاتهم  وذلك عن طريق استخدام مجموعة من الآليات والأدوات لكي يطمئن له المتعاملون في الأسواق العشوائية ثم ينصب حولهم شباكه بعد ذلك تدريجيا، وذلك في ظل وجود عوامل كثيرة تفتح شهية هؤلاء النصابين لممارسة نشاطهم الاجرامي في مقدمتها عدم وجود عقوبات رادعة ضدهم.

عملية نصب

أضاف أن ظهور العديد من المستريحين في إدفو خلال الشهور القليلة الماضية بدأت بتعامل هؤلاء المستريحين مع الأفراد من ذوي الأموال والممتلكات البسيطة من أجل استخدامهم كـ "طعم" لجذب حائزي الأموال الأكبر من خلال اعطائهم عوائد مالية كبيرة لفتح شهية المتعاملين الآخرين وبعدها تتفاقم الأزمة حينما يجازف الأفراد الحائزين لأموال أكبر بالتعامل مع المستريحين نتيجة الطمع الشديد والرغبة في الثراء السريع حتي يقع الجميع في في النهاية في عملية نصب كبيرة. 

الشمول المالي

اضاف أن برنامج الشمول المالي الذي تطبقه الدولة يحتاج إلي تطوير وتحديث حتي يكون مصدر أمن لأموال وممتلكات الأفراد الذين يتعاملون في الاقتصاد غير الرسمي  لأن هذا البرنامج يعتمد على شهادات إدخارية تعطي فائدة 18 %  سنويا - على سبيل المثال- ولكن  هؤلاء الأفراد يحتاجون إلي صناديق استثمار تعطي عوائد دورية كل شهر مثلا حتي ولو كانت مبالغ بسيطة لأن  هؤلاء الافراد لا يستطيعون الانتظار لمدة طويلة حتي يحصلوا علي العوائد المالية.

وطالب بضرورة النظر إلي ظاهرة المستريح بنظرة اقتصادية واجتماعية  وقانونية شاملة ورفع وعي المواطنين تجاه هذه الظاهرة الخطيرة حتي يتوجهوا إلي الأماكن الأمنة والمضمونة والشرعية للإستثمار بعيداً عن أي مخاطر مع ضرورة وضع عقوبات رادعة لأي شخص يتلاعب بأحلام وطموحات المواطنين خصوصا المستثمرين الصغار وذلك من خلال فتح باب الاستثمار لهم عن طريق عمل مشروعات نموذجية صغيرة وزيادة حد الاعفاء الضريبي لأن صغار المستثمرين يخافون من الضرائب التي تعتبر أداة منفرة لصغار المستثمرين في ظل دخلهم البسيط.

الثورة الحيوانية

يقول الدكتور أحمد ضمراني "رئيس قسم الانتاج الحيواني كلية الزراعة جامعة أسوان" أن ظاهرة المستريح التي شهدتها أسوان وتضمنت بيع وشراء المواشي بنظام يسمي الوعدة تسببت في ضرر كبير للثروة الحيوانية خلال الشهور الماضية لأن هذه العملية كانت تتم بدون أي ضوابط  وآليات سليمة وأدت الي حدوث مشكلة كبيرة في الأسواق والإنتاج الحيواني وعمليات البيع والذبح وما بعد الذبح لدرجة ان سوق دراو الذي يعتبر أحد الأسواق الكبري توقف بسبب لجوء مربي الماشية إلي البيع للمستريح بأسعار مضاعفة مقارنة بأسعار السوق.


اضاف أن المستريح ظاهرة دخيلة على المجتمع الأسواني ولكن نجحت الأجهزة المختصة في التصدي لها قبل أن تتفاقم أكثر وأكثر حيث أدت  إلي حدوث انتشار كبير للأمراض بين الثروة الحيوانية التي كان يشتريها لعدم إستعانة هؤلاء المستريحين بالمتخصصين في التعامل مع الماشية مثل الأطباء البيطرين أو المهندسين الزراعيين.

أوضح أن المستريح كان يضع الماشية في أحواش عشوائية غير مجهزة مما أدي الي نفوق الكثير منها  وعدم اتباع اجراءات الحجر البيطري قبل ادخال الحيوان الجديد على الحظيرة، مما أدي إلي اصابتها بالتهاب الحمي القلاعية والتهابات الضروع نظرا لأن بعض الماشية كان يجب حلب اللبن منها يوميا وهذا لم يحدث مما أدي إلي  إصابة المواشي بالتهاب الضروع ووحدوث تليف لها وأصبحت لا تصلح للتربية بعد ذلك.

أشار إلي أن الماشية تعتبر خزينة أي مزارع أو فلاح .. وللأسف الشديد وضع المستريحون أعينهم على خزينة وثروة كل فلاح واشتروا منهم الماشية  بضعف الثمن في تجارة غير مشروعة ألقت بظلالها السلبية على الثورة الحيوانية في أسوان.


يقول دكتور محمود بدر الدين محمد "أخصائي الطب النفسي والعصبية والادمان في أسوان" أن أسباب ظاهرة المستريح من وجهة نظر الأشخاص المضحوك عليهم انفسهم هي الرغبة في الحصول على ثروات طائلة بدون تعب نهائي واستمرارهم في المسلسل مثلهم مثل غيرهم من أهل البلد  علاوة على إشباع الحالة العاطفية ونقصهم الدفين المسايرة الإجتماعية مع الآخرين ومحاولة التخلص من الشعور بالملل واليأس وأيضا محاولة الهروب من الواقع والمشكلات الشخصية والأسرية والضغوط النفسية الناجمة عنها ومحاولة الشعور بالمكانة وتقدير الذات ونيل احترام الآخرين والبحث عن الراحة التامة.


أشار إلي أنه من المعروف أن الهروب من الفقر الشديد قد يؤدي إلي فقر أشد ومحاولة تعويض الخسائر السابقة قد ينتج عنه خسائر أحدث وأكبر وأكثر بشاعة وهذا ما حدث مع بعض ضحايا المستريح.. موضحا أن أحد الأسباب النفسية الهامة في إنتشار ظاهرة المستريح هي إستسهال الكسب من أي مصدر من المسائل التي تندرج في الثقافة العربية والمصرية خصوصا تحت مظلة الكسب المستريح لكن علينا ألا ننظر إليها في إلا في سياق مرضي إدماني تتداخل فيه مجموعة من العوامل الدينية والتربوية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية والقانونية.

أضاف أن تفسير ظاهرة المستريح يرجع إلي ارتباطها سيكولوجيا بالمجتمعات البدائية التي ينتشر فيها السحر والشعوذة والخرافات واستسهال الأمور والرعب والخوف من المجهول والاعتماد على الآخرين فنجد هذا الشخص اعتماديا لا يقوم بمسؤولياته ولا واجباته.

أشار إلي أن الاستسهال في الكسب يعود إلي الفراعنة فقد تم العثور على قطعة نرد في الحضارة المصرية القديمة بأحد قبور الفراعنة يعود تاريخها إلي ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد كانت تستخدم للمقامرة.. ويذكر المؤرخون في الحضارة الرومانية القديمة حكايات طريفة ومذهلة عن قبائل الجرمان الذين كانوا يراهنون على زوجاتهم وأطفالهم وحتي على أنفسهم  وقد كانت الخسارة تؤدي إلي الرق والعبودية.. وقد شاعت المقامرة في بلاد الإغريق قديمًا.  

ظاهرة متحركة

يقول الدكتور عبدالله علي عبدالله "عميد المعهد العلي للخدمة الاجتماعية بأسوان" ان ظاهرة المستريحيين تعتبر ظاهرة متحركة و غير مستقرة و لا يمكن التنبؤ بها.. وترجع لمجموعة من العوامل و الأسباب التي أدت إلي حدوثها و مايترتب عليها من آثار إجتماعيه على الأفراد والمجتمع و خاصه المجتمع الصعيدي بما يتميز بالقيم و العادات النبيله و الكرم والحفاوه والصدق والأمانة.

اضاف ان أسباب الظاهرة تعود إلي قلة الوعي بالمخاطر التي قد تترتب على التعامل مع هؤلاء الأشخاص المستريحين و هذا دور منظمات المجتمع المدني علاوة على القصور في الوازع الديني والقناعه وان الأرزاق من عند الله و هذا دور المؤسسات الدينيه ودور العباده.

أضاف أن الثقه في مثل هؤلاء الأشخاص المستريحين يعتبر عاملا أساسيا في انتشار هذه الظاهرة الغريبة وذلك أننا مجتمع على دراية بمعرفة بعضنا البعض علاوة على مهارة هؤلاء الأشخاص و من ورائهم أو  من يمولهم في إقناع ضحاياهم وتوفير عنصر الثقه في التعامل في البداية.. أيضا غياب دور القيادات الشعبيه والطبيعيه نتيجة رغبة بعض الضحايا في الكسب السريع و الرغبة في تحسين المستوي الاجتماعي و المعيشي.

شبهات المستريح

يقول الدكتور مرتجي عبدالرؤوف شعبان يونس "مدير عام منطقة الوعظ والاعلام الديني باسوان ورئيس لجنة الفتوي" ان ظاهرة المستريح تدور حولها عدة شبهات منها أن مصدر مال المستريح فيه شبهة نصب  وقد يكون مصدر مال المستريح فيه شبهة غسيل الأموال  وهناك أطراف خفية قد تمول هذا الشخص و لا يفصح أحد عنها علاوة على المبالغة في رفع ثمن السلعة في الشراء وبيعها بثمن أقل من قيمتها.

أضاف ان المستريح تدور حوله أيضا شبهة احتكار المواشي من الأسواق وايهام الناس أن البيع بالتقسيط صحيح شرعا ليصل لإقناعهم بمعاملته علاوة على ايهام الناس بالثراء السريع سواء بالبيع أو الشراء.. موضحا أنه من المعلوم أن معايير الكسب الحلال تغيب عن هذه الأمور السابقة.. بالإضافة إلي عدم وجود ضمانات عندهم لأصحاب الأموال فضلًا عن خداع بعضهم لأصحاب الأموال بالتخفي وراء مظلة أو صبغة إسلامية وعليه لا يجوز للمسلم أن يتعامل في أي معاملة تعتريها شبهات نصب واحتيال أو شبهات غسيل أموال أو أي شبهة تقدح في المال وعليه فلا يجوز للمسلم أن يتعامل في أي معاملة تعتريها شبهات نصب أو احتيال أو شبة غسيل أموال أو أي شبهة تقدح في المال.





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق