قرر مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي "البنك المركزي" أمس رفع معدلات الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، وهو أكبر رفع للفائدة بالولايات المتحدة منذ عام 2000، وذلك بهدف كبح الضغوط التي يتعرض لها اقتصاد البلاد بسبب معدلات التضخم المتزايدة وتراجع فائدة السندات الفيدرالية، وهي خطوة يراها أغلب خبراء الاقتصاد حول العالم بأنها "تاريخية".
وجاء القرار بعد أن تباينت تكهنات المحللين بشأن هذه الخطوة.. حيث توقع البعض بنسبة كبيرة أن يقوم المجلس برفع الفائدة بمقدار نصف نقطة لاسيما عقب التصريحات الأخيرة لرئيس المجلس جيروم باول والتي قال خلالها "إن زيادة الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية ستكون معقولة ومقبولة"، فيما مالت بعض الآراء الأخري إلي أن الفيدرالي قد يتمهل في رفع الفائدة بهذه النسبة، ويعتمدون في ذلك علي تخوفات من أن يتسبب رفع أسعار الفائدة في حدوث ركود للاقتصاد الأمريكي وأن نتائجه السلبية ستكون أكبر من الإيجابية.
وكان الاحتياطي الفيدرالي قد قرر في اجتماعه الأخير في شهر مارس الماضي رفع معدل الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، وهي المرة الأولي التي يقرر فيها رفع الفائدة منذ عام 2018، متوقعا رفع الفائدة 6 مرات هذا العام.
وبالنسبة لمعدلات التضخم، أظهرت بيانات مكتب إحصاءات العمل الأمريكي مؤخرا قفزتها إلي أعلي مستوياته منذ أربعة عقود علي أساس سنوي خلال مارس الماضي مقارنة بمستواها في مارس 2021.. حيث ارتفع مؤشر التضخم في أسعار المستهلكين بنسبة 8.5 في المائة خلال الإثني عشر شهرا المنتهية في مارس الماضي، وهي أعلي وتيرة منذ عام 1982.
وأشارت البيانات إلي أن معدل التضخم ارتفع بنسبة 1.2 في المائة خلال شهر مارس الماضي بعد زيادته بنسبة 0.8 في المائة في فبراير السابق له.
وأوضحت أن مؤشر أسعار البنزين ارتفع بنسبة 18.3 في المائة خلال مارس الماضي بعد ارتفاعه 6.6 في المائة في فبراير السابق له، فيما ارتفعت أسعار الغذاء بنحو واحد في المائة.
فيما يشهد الاقتصاد الأمريكي انكماشا، بسبب انخفاض مشتريات تجار التجزئة من المخزون، وتزايد الفجوة بين الصادرات والوارادت الأمريكية، وذكرت وزارة التجارة الأمريكية أن العجز التجاري في البلاد للسلع، الفرق بين المنتجات الواردة والصادرة، قد اتسع إلي مستوي قياسي في مارس.
وبالإضافة إلي ذلك، فإن العديد من الشركات اشترت مخزون أقل من المعتاد في أوائل 2022 لأنهم لديها بقايا من البضائع من أواخر العام الماضي عندما قاموا بتخزين سلع إضافية للحماسي من النقص والتأخيرات في سلاسل التوريد، ويقول خبراء الاقتصاد إن هذا الانخفاض في الشراء من المرجح أن يؤدي إلي انخفاض مصطنع في أرقام الناتج المحلي الإجمالي.
وأفادت بيانات رسمية.. بارتفاع عجز الميزان التجاري في الولايات المتحدة خلال مارس الماضي 22.3 بالمئة علي أساس شهري، ليسجل مستوي قياسيا عند 109.8 مليارات دولار.
وحسب بيانات مكتب الإحصاءات الأمريكي "حكومي"، سجل عجز الميزان التجاري "الفرق بين الصادرات والواردات الخدمية والسلعية"، نحو 89.79 مليار دولار في فبراير/ شباط الماضي في البيانات المعدلة.
وأشارت البيانات إلي نمو صادرات الولايات المتحدة 5.6 بالمئة علي أساس شهري، إلي 241.7 مليار دولار في مارس، مقارنة بـ 228.82 مليار دولار في الشهر السابق، وفقا للبيانات الجديدة، سجلت الواردات الأمريكية ارتفاعا شهريا بنسبة 10.3 بالمئة إلي 351.5 مليار دولار في مارس، من 318.51 مليار دولار في فبراير السابق.
ويعكس ارتفاع عجز الميزان التجاري الصعوبات التجارية حول العالم وسط تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية التي اندلعت في 24 فبراير الفائت، وسجل الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة انكماشا مفاجئا بنسبة 1.4 بالمئة في الربع الأول من 2022، مخالفا توقعات محللين قدرت نموا بنسبة 1.1 بالمئة، وفق بيانات مكتب الإحصاء الأمريكي.
ومؤخرا، خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكي إلي 3.7 بالمئة في 2022، و2.3 بالمئة في 2023، بانخفاض 0.3 بالمئة عن توقعات سابقة، بسبب تداعيات الأزمة الأوكرانية وارتفاع الأسعار.
وقالت وكالة "أسوشيتدبرس" الأمريكية في تقرير لها، إنه مع ارتفاع تكاليف الغذاء والبنزين والإسكان وغيرها من الضروريات بشكل مستمر، وهو الأمر الذي يضغط علي المستهلكين ويهدد الاقتصاد، فمن المحتمل أن يكون التضخم في الولايات المتحدة قد سجل أعلي مستوي منذ أربع عقود في مارس.
وأظهر مؤشر أسعار المستهلك الحكومي، أن الأسعار ارتفعت بنسبة 8.5% عن 12 شهر قبل ذلك، ومن شأن ذلك أن يمثل أسرع معدل تضخم علي أساس سنوي منذ ديسمبر 1981، كما أنه سيتجاوز معدل الزيادة البالغ 7.9% لمدة 12 شهرا في فبراير، والذي سجل بدوره أعلي مستوي له في 40 عاما.
وقفزت أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة في مارس إلي معدل 8.5% كأعلي مستوي منذ أواخر 1981، ومع ارتفاع أسعار المستهلك في الولايات المتحدة حاليا بأسرع معدل لها منذ 40 عاما، تبدو احتمالات الهبوط الناعم للأسعار دون إلحاق ضرر كبير بالنمو بعيدة علي نحو متزايد.
وعلي حسب توقعات معظم الاقتصاديين الأسعار لا تزال مرشحة لمزيد من القفزات خلال الفترة المقبلة، مدفوعا بارتفاع تكاليف المواد الغذائية وارتفاع الإيجارات وأسعار الطاقة الجامحة.
وبناءا علي التفاصيل المذكورة أعلاه، فاقتصاد الولايات المتحدة وعلي حسب البيانات الرسمية الصادرة في البلاد، فقد دخل بالفعل في ركود تضخمي، ومما لا شك فيه أن الركود التضخمي يعقد الأمور تماما بالنسبة لمجلس الاحتياطي الاتحادي، والذي يستعد بالفعل لرفع سعر الفائدة علي الأموال الفيدرالية بمقدار 50 نقطة أساس.
وكان تفكير صانعي السياسة النقدية الأمريكية منصبا الفترة الأخيرة علي كيفية السيطرة علي التضخم الساخن في البلاد، من خلال تسريع وتيرة رفع أسعار الفائدة مع البدء في تخفيض الميزانية العمومية، ويستدعي الوضع الحالي التفكير في كيفية تعزيز النمو الاقتصادي مرة أخري و إبقاء التضخم وارتفاع الأسعار تحت السيطرة.
ورفع البنك المركزي الأمريكي سعر الفائدة 25 نقطة أساس في مارس، ولا تزال هناك مخاوف من أن الاحتياطي الاتحادي قد يشدد السياسة النقدية ويدفع الاقتصاد إلي الركود خلال الأشهر الثمانية عشر المقبلة، وتبدو علي سوق الإسكان بالفعل علامات التباطؤ مع تجاوز الرهون العقارية الثابتة لأجل 30 عاما الخمسة بالمئة.
وقد أشار تقرير إعلامي إلي أن المساعدات العسكرية والمالية التي تقدمها واشنطن لأوكرانيا ستؤدي إلي كارثة علي الاقتصاد الأمريكي، وحذر تقرير أمريكي أن تلك المساعدات تضرب الاقتصاد الأمريكي، إذ أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن أنه طلب من الكونجرس مبلغًا غير مسبوق قدره 33 مليار دولار لتقديمه لكييف.
ومع ارتفاع معدلات التضخم، وارتفاع أسعار الوقود، ونقص الغذاء، وتقلص الناتج المحلي الإجمالي، تواجه أمريكا الخطر الحقيقي المتمثل في أزمة طويلة الأمد.
وتتوقع مجموعة "جولد مان ساكس"، انكماش الاقصاد الأمريكي بنسبة 35 بالمئة تقريباً خلال العامين المقبلين. كما توقع استطلاع أجرته وكالة "بلومبرج" الأمريكية، خلال الأسبوع الأول من أبريل 2022، انكماش الاقتصاد الأمريكي بنسبة 27.5 بالمئة.
يتوقع الخبراء ان تكون هناك زيادات اخرى ما لم تتحسن معدلات التضخم، وقدر البعض ان تكون هناك ست زيادات اخرى قبل نهاية العام الحالى وزيادتان العام القادم، ويعيدون الى الاذهان تصريحات جيروج باول، رئيس الاحتياطى الفيدرالي، التى جاء فيها أنه مستعد لرفع الفائدة 0.5 % إذا لزم الأمر، مستخدماً نبرة أكثر تشدداً تجاه كبح التضخم تسارعت معدلات أسعار المستهلكين فى الولايات المتحدة خلال الشهور الأخيرة إلى أعلى مستوى لها فى 40 عاماً، بسبب صعود تكاليف البنزين، والمواد الغذائية، والإسكان، مع استعداد التضخم للارتفاع بشكل أكبر بعد الغزو الروسى لأوكرانيا.
اترك تعليق