قال الكاتب والناقد صلاح معاطى : أن هناك فارق كبير بين الدراما التخيلية التي تعتمد على خيال الكاتب في رسم الاحداث والشخصيات والصراع وهي تعطي الكاتب الحرية المطلقة في إطلاق خياله وعرض الحبكة بالشكل الذي يتناسب مع سير الأحداث.. وبين الدراما التوثيقية وهي دراما توثق لأحداث تاريخية وسياسية بهدف إعطاء المشاهد صورة كاملة عن هذه الاحداث.
وأضاف " معاطى" هي في الغالب دراما قائمة على المعلومات والرؤى والأفكار التي توثق لأحداث بعينها. وكانت معظم الكتابات التي تكتب في الماضي البعيد قبل تطور فن القصة والرواية وقبل الراديو والتليفزيون تعتمد على التوثيق ومنها على سبيل المثال.. النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة وخطط المقريزي وتاريخ الجبرتي.. وكانت تطلع القارئ على ما تم من أحداث يوما بيوم، وقد نجح مسلسل الاختيار ٣ في الجمع بين التوثيق والتخيل، وذلك بعرضه مشاهد حقيقية للفترة التي حكم فيها الاخوان وفي نفس الوقت تاثير ذلك على الشارع المصري والحياة الاجتماعية التي عاشها المصريون خلال هذه الفترة.
والحقيقة أن المسلسل كشف عن السر الذي يجعلنا دون ان ندري نكره الإخوان منذ زمن، فالمصري عبر العصور كان دائما يرفض أن يحكمه من يحمل علامة ما أو من يكون له انتماء أو هوية حزبية أو عقائدية، تهدد هويته الوطنية.. ويفضل عليه من يكون انتماؤه للدولة كلها وليس لجماعة بعينها، وخطورة اللجوء إلى مشاهد حقيقية أرشيفية أنها تكسر حالة الإيهام التي يصنعها العمل الدرامي وشخوصه والتي تحاول الاقتراب بأدائها من الشخصيات الحقيقية، ومع ذلك كانت هذه المشاهد عاملا كبيرا في نجاح المسلسل وشد انتباه المشاهد إلى أحداث كانت بالنسبة له مجرد قشور سمعها عابرا أما الآن فهو يراها بكل تفاصيلها واحداثها.. وقد أدرك المشاهد كيف كانت مصر تتجه تحت حكم هذه الجماعة الإرهابية التي كانت تخطط لتقسيم مصر إلى أجزاء.. فلو تأخر بيان ٣ يوليو ٢٠١٣ يوما واحدا ومن بعده التفويض التاريخي الشهير لضاعت مصر كلها وكانت المنطقة كلها ستتحول إلى دويلات وامارات ممزقة تحت حكم كيانات غامضة تعود بنا إلى العصور الوسطى، لذلك فالاستخدام الذكي للمشاهد الارشيفية وفي التوقيتات المناسبة كان له دور كبير على نجاح المسلسل علاوة على أداء الممثلين خاصة ياسر جلال الذي لم يأخذه إتقان شخصية الرئيس السيسي من التمثيل الرائع والمبهر كذلك خالد الصاوي الذي اقترب من شخصية الشاطر وجعلنا نشعر بخطورة هذا الرجل على الامن القومي المصري.. لكنني أود أن أحيي الفنان القدير عبد العزيز مخيون الذي أضاف إلى شخصية المرشد بادائه الحركي والصوتي وملامح وجهه.. فنسيت بديع وتعاملت مع هذه الشخصية كما نقلها مخيون.، وفي النهاية يطيب لي أن أقول أنه ما زالت الدراما تحتاج الكثير من التجديد والتطوير بالرغم من تناولها أعمالا مهمة على المستوى الوطني والاجتماعي.. ولن يتأتى هذا إلا بتعدد الأشكال الدرامية.. ليس فقط في المضمون وانما في الشكل أيضآ وذلك بالسماح بالسهرات والأفلام القصيرة والأفلام الوثائقية والخماسيات والسباعيات والمسلسلات نصف الشهرية.. لانه ليست كل الموضوعات تصلح لتقديمها خلال الشهر.. بعض الموضوعات تحتاج فقط إلى أسبوع لعرضها. وبذلك نتخلص من المط والترهل ونفتح المجال للعديد من الأفكار الجديدة.
اترك تعليق