هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

الجامع الأموي .. أول مسجد ظهر فيه المحراب مدحه المؤرخون والأدباء عبر العصور

الجامع الاموي .. جامع بني امية الكبير .. هو رابع أشهر مسجد بعد الحرم المكي والحرم المدني والمسجد الأقصى المبارك، وهو من أفخم المساجد، وأحد عجائب الإسلام السبعة في العالم، ويقع في دمشق وبالتحديد في قلب في قلب المدينة القديمة. وحظي المسجد بالمديح والثناء من الرحالة والمؤرخين والأدباء الذين مرّوا بدمشق عبر العصور.


بدأ بناء الجامع الأموي بأمر من الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك في عام 87 هجرية/ 705 ميلادية. وقد حشد له اعداد كبيرة من أمهر الصناع من بلاد فارس ومن الهند، وأوفد إمبراطور بيزنطة مائة فنان بيزنطي للمشاركة في تزيين المسجد بالفسيفساء الملونة، إلا أن أغلبها طمس بناءً على فتاوى بعدم جوزاها حتى أعيد اكتشافها وترميمها عام 1928 ميلادية.

أول مسجد ظهر فيه المحراب
يتميز الجامع الأموي بأنه أول مسجد ظهر فيه المحراب، وله ثلاث مآذن وأربع أبواب وقبة كبيرة وثلاث قباب في صحنه، استغرق بنائه حوالي عشر سنوات، وتعد المئذنة الشمالية أقدم المآذن فهي تعود لعهد الوليد بن عبد الملك، واستخدمت أيضًا منارةً لمدينة دمشق، كما كانت تستقبل القرون الوسطى المنقطعين للتأمل والصلاة، ومنه انتشر نموذج المئذنة المربعة إلى سائر أنحاء سوريا وشمال إفريقيا والأندلس.

قبر النبي يحيى ورفات صلاح الدين الأيوبي
يحوي الجامع على قبر النبي يحيى بن زكريا عليه وعلى نبينا محمد الصلاة والسلام، كما يحوي المسجد أيضًا على الفتحة التي وضع فيها رأس الحسين بن علي رضي الله عنه حين حمل إلى دمشق، وألحق بالمسجد مقبرة تضم رفات صلاح الدين الأيوبي.  وهو أول جامع يدخله أحد بابوات روما. كان ذلك عام 2001 عندما قام بزيارته البابا يوحنا بولس الثاني.

كما تميز المسجد بزينته المبهرة وعمارته الجميلة التي ظهر من خلالها الفن الإسلامي والتصميم الاموي في العمارة، وتتردد حكايات حول المسجد وجماله منها ما قيل حول أن رجلا روميا وقع مغشيا عليه لما رأى عظمة الجامع وفخامته. فلما سئل عن السبب قال: ((إننا معشر أهل رومية نتحدث أن بقاء العرب قليل، فلما رأيت ما بنوا في دمشق علمت أن لهم مدة سيبقونها. فلذلك أصابني ما أصابني.


عمر بن عبدالعزيز ومظاهر الترف والزينة
حاول خامس الخلفاء الراشدين عمر بن عبدالعزيز إزالة مظاهر الترف والزينة التي رأى انها تمثل خروجا عن التعاليم الإسلامية لكن أهل الشام ووجهاء دمشق دافعوا عن زينة الجامع فعدل عمر عن نيته واستمر الجامع بزينته وفخامته وكنوزه، الا ان ذلك لم يحفظ للمسجد زينته بل تغيرت معالم كثيرا بسبب ما تعرض له من الحرائق والزلازل.

تعرض المسجد للاحتراق مرات عديدة، منها حريق عام 462 هجرية/ 1069 ميلادية، الذي جاء على جميع محاسن الجامع وما فيه من الزخارف والنقوش البديعة الموجودة حتى تم تجديده بعد 3 أعوام، وحرقه المغولي تيمور لنك عام 803 هجرية/ 1400 ميلادية. وفي عام 1311 هجرية/ 1893 ميلادية، شبت نار عظيمة في سقف الجامع من الجهة الغربية من نار وقعت من نرجيلة أحد العمال الذين كانوا يصلحون السقف ودام الحريق ساعتين ونصف الساعة.

أدى الحريق إلى تدمير سقف الجامع وجدرانه وأبوابه، ولم يسلم إلا المشهد الغربي. كما تم إتلاف المصحف العثماني الذي كان قد أرسله الخليفة عثمان بن عفان إلى بلاد الشام عندما قام بتدوين القرآن. وقام الأهالي بإزالة الأنقاض وبعد أن تمت عملية التنظيف بدئ بجمع التبرعات وتسابق الشعب إلى الجود بأعاده العظمة للجامع. وفي عام 1314هـ / 1896م بدأت عمليات ترميم المسجد بأمر من الوالي ناظم باشا والي دمشق. 

سبعون ألف ليرة ذهبية
واشترك في عملية البناء أكثر من خمسمائة فني وعامل يوميا، ودام العمل تسع سنوات وقدرت النفقات بسبعين ألف ليرة ذهبية وفي العصر الحديث كانت آخر عمليات الترميم عام 1415 هجرية / 1994 ميلادية، وتمت ازالة البيوت والأسواق الملتصقة به والتي أنها تستر جماله وتشوه منظره وتعرضه للخطر، وقد تم بالفعل كشف جدران الجامع الأموي من الجهتين الجنوبية والغربية، مما أتاح فرصة مشاهدته من الخارج لا من الداخل فقط.

يتوسط المسجد مدينة دمشق بمساحة كلية 157×97م، وتبلغ مساحة الحرم 136×37م، أما مساحة الصحن فهي 22.5×60م. وللمسجد 4 أبواب تعلوها قمريات زجاجية ملونة مع كتابات وزخارف رائعة وهي ابواب البريد من الغرب وجيرون من الشرق والكلاسة من الشمال. والزيادة من الجنوب، ويحيط بالصحن من جوانبه الثلاثة أروقة واعمدة شامخة ارتفاعها 15.35م، تعتمد على صفٍ من القناطر المتراكبة، قنطرتان صغيرتان فوق كل قنطرة كبيرة، وتحملها سواري مربعة ضخمة وأعمدة، عمودان بين كل ساريتين في الجانبين ويبلغ عددها مجتمعة 47 عمودا وسارية.

وتشكل واجهات الأروقة وواجهة الحرم المؤلفة من جبهة ثلاثية ذات نافذة مفتوحة على طرفيها نافذتان دائريتان، وتحت الجبهة واجهة مربعة في وسطها قوس كبير ضمنه ثلاث نوافذ، وترتكز هذه الواجهة على ثلاث قناطر محمولة على عمودين في الوسط، وركنين في الجانبين وتدعم هذه الواجهة من الطرفين دعامتان مربعتان ضخمتان. وعلى طرفي هذه الواجهة تمتد القناطر المتراكبة تسع قناطر إلى اليمين ومثلها إلى اليسار شرقاً. ومن الرواق تنفتح على الصحن 24 قنطرة ومن الرواقين الشرقي والجنوبي تسع قناطر.

قبة ثمانية تنفتح فيها 16 نافذة
ويتكون حرم المسجد من قناطر متشابهة عددها 24 قنطرة تمتد عرضياً موازية للجدار القبلي، يقطعها في الوسط جناح متوسط يمتد من باب الجبهة الرئيسي وحتى المحراب. ويغطي هذا الجناح المتوسط سقف في وسطه تنهض قبة النسر المؤلفة من قبة نصف كروية من الخشب المصفّح، ومن قبة ثمانية تنفتح فيها 16 نافذة، وترتفع القبة عن أرض الجامع 45م وهي بقطر 16م.

ويوجد في حرم المسجد أربعة محاريب، كانت مخصصة للمذاهب الأربعة. وفي أعلى جدار القبلة، تنفتح على امتداده 44 نافذة ذات زجاج ملون. مع ستة نوافذ في الوسط. ويقوم إلى جانب المحراب الكبير منبر حجري رائع. إن جميع الزخارف الرخامية المنقوشة في المحراب والمنبر وفي المحاريب الأخرى هي ابداعات فنية، صنعها الدمشقيون الذين نقلوا فنونهم إلى أنحاء كثيرة من البلاد العربية والإسلامية. ولقد زينت جدران الحرم بالفسيفساء والرخام، ومازالت أقسام كثيرة من الفسيفساء الأموي قائمة في الحرم من الشمال اضافة للتزينات الكثيرة.

ولازالت أقسام كثيرة باقية في واجهة الحرم وفي الأروقة، ولقد أعيد بعض ما سقط منها، وخاصة قبة الخزنة، التي استعادت زخرفتها الفسيفسائية مؤخراً، وهي غرفة مثمنة تعلوها قبة محمولة على ثمانية أعمدة، كانت تحفظ فيها أموال المسلمين، ثم أصبحت لحفظ المخطوطات الثمينة. ولقد أنشئت هذه القبة في العصر العباسي عام 164 هجرية/ 780 ميلادية. كما توجد قبة أخرى هي قبة زين العابدين أو الساعات مازالت قائمة، ولقد أعيد مؤخراً بناء قبة الوضوء العثمانية التي تم بنائها عام 1183 هجرية/ 1769 ميلادية التي كانت في منتصف صحن الجامع تحمي بركة ماء للوضوء.


متحف للجامع
وفي عام 1410 هجرية / 1989 ميلادية متحف للجامع في ركن الزاوية الشمالية القريبة من الجامع. ويضم المتحف نفائس الجامع القديمة وبعض الأحجار والسجاد واللوحات الخطية الجميلة، مع مصابيح إنارة وقطع فسيفسائية وخزفية وزجاجية ونقود إسلامية وساعات وصفحات من المصاحف المخطوطة القديمة والكثير من الأثريات المهمة في تاريخ الجامع العريق.





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق