بقلم الإعلاميه : نانسى إبراهيم
ليس كل البكاء سواء ، فليس كل بكاء حزن ، فهناك بكاء يأتيك من فرط السعادة ، أو لإحساسك بالوحشة دون فَقْد ، بكاء يأتى من عمق فهمك للأشياء ، بكاء أتاك من فرط إستياعبك لدروس الحياة ، بكاء إستعمرك ليزيح عن كاهلك حمل قد تنوء عن حمله الجبال ، بكاء يوقظ بداخلك طعم الراحة .. راحة الضعف بعد استعبادك من عناء القوة ، بكاء يخبرك إنه قد آن الأوان لك كى تستريح من ثقل المشوار ، ويأذن لك أن تأخذ إستراحة محارب عن إستحقاق بعد مشقة الرحلة .
بكاء يسكنك ببراعة إنصاتاً لصوت الرضا بداخلك بعد مرارة إحساسك بعدم القبول ، بعد انتهائك من جام غضبك ، وتوديعك لقمة حزنك ، وإستقبالك للأجمل فيك .
وهناك بكاء يغرس فيك الأمل ، ويجذب لعالمك خيوط الهدى ، بعد أن استقريت على وضع قد لا يكون لك أفضل ما تصبو إليه ، لكنه حتماً أفضل المتاح حالياً .
وهناك بكاء الحكمة ، وبكاء الغِبطة ، وبكاء المُطلِع الحالم المتأمل الواثق ... المنتصر ، فليس كل بكاء حزن أبداً .
وليست كل وحدة إكتئاب ، فربما تكون عزلة إختيارية أو إنعزال مُخطَط له بإحكام لإعادة الدفة لوجهتك نحو الأفضل ، والأصح ، والأوقع ... فليس كل فراغ خواء ، فربما يكون فضاء ما قبل الإمتلاء ، لإفساح المجال للمنتظر .. والمُستَحق .. والأحق .
لا تسيئوا الظن بالأشياء ، ولا تبخسوا قدر المواقف ، ولا تعلقوا فشلكم دائماً على الظروف ... فلستم مفعول به فى حياتكم .. بل أنتم الفاعل ، ربما لستم الفاعل الوحيد ، لكنكم بلا شك الفاعل الأهم ... والأكيد .
فإحسنوا الظن بالقادم ، وحاولوا أن تجيدوا تسكين أحلامكم بنسمات الأمل ، وإسعوا جاهدين لتغيير واقع يؤلمكم ، أو ظرف لا ترضون عنه الآن .
فأنت لم تمت طالما تحاول ، فهناك نَفَس لا يزال يسكنك فهناك إذن المزيد لتحياه وتعيشه وتغيره لواقع ترضاه وتحلم به .
فما الحاضر سوى مستقبل بعيد سبق أن حلمنا به ، وها نحن نعيشه ... فإحسنوا سكناه ، وأبرعوا فى تحسينه بما يسعدكم ، ويرضيكم ، ويبهجكم ... وإحمدوه ليزيدنكم من نعمه .
اترك تعليق