كشف امام الدعاة مولانا الشيخ محمد متولى الشعراوى فى خضم تفسيره لسورة الكهف موقع مجمع البحرين فى قوله تعالى " وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا" (60

حيث قال اتفق العلماء ان مجمع البحرين هو المكان الذى يلتقى فيه البحرين ليكونا بحراً واحداً وان تلك الصورة لا توجد فى مسرح بنى اسرائيل الا فى سيناء ففى جنوب سيناء تجد خليج العقبة وخليج السويس وهما بحران يلتقيان عند رأس محمد وفقاً لقوله 

وفى تفسير الاية الكريمة "  قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا (64 "

اكد الشيخ الشعراوى ان مجمع البحرين كان مكان لقاء موسى بعبد الله الصالح فقد اقتفى موسى اثر الحوت بدقة فأرتد الى المكان الذى تسرب فيه الحوت وهو مجمع البحرين 

 وفى قوله "فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا" (65

 هل الخضر عليه السلام نبى _اشار امام الدعاة ان العلماء جاء فى تفسيرهم لكلمة رحمة فى القرآن انها تأتى بمعنى النبوة موضحاً ان مطلقها يأتى على يد ى جبريل والرسل فيما جاء علم ورحمة الخضر عليه السلام المقصودة هنا من الله تعالى مباشرة 

لافتاً الى ان العبد حين يكون صالحاً ويأخذ من الله فيوضات يأخذها من خلال ما قاله له النبى من الاحكام الظاهرية على مخالفة التكاليف وعلى التكاليف على صيغة افعل او لاتفعل من كذا وكذا اما علم اما ما اتاه العبد الصالح الخضر عليه السلام كان احكام اخرى لها علل باطنة فوق العلل الظاهرة 

هل الخضر موجودالى الان ام انه مات_ ..يقول العلماء ان لكل زماناً خضر فالله يأتى فيوضات للبعض ولكن ليست مثل التى يأتى بها الى الرسول ولذلك قال الخضر عليه السلام لموسى عليه السلام "قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا" 67 

وتابع فذلك العلم لا يعلمه ولم يخبر به موسى ولذلك لن يتحمله فعلى حد قول مولانا الشيخ الشعراوى "علم موسى من كيس الرسل , والخضر من كيس الولاية "الذان لا يتعارضان فالتعارض من يكون فى مغزى الاحكام فهناك احكام لها علل باطنية واخرى لها حكم ظاهرى فالرسول علمه للحكم الظاهرى افعل ولا تفعل كالحفاظ على حقوق العياد 

"قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا" الآية 63

 وفى طيات تفسيره "وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا " قال انه فى قصة حوت موسى كان من_ العجب _ان يقفز حوت مشوى من المكتل الى البحر ليشق طريقه فى البحر وكأنه اعلم بالموعد مع العبد الصالح الخضر عليه السلام والذى يتوق موسى للقياه 

_ وفى لمحة سريعة عن قصة موسى والخضر عليه السلام _  فهى بدأت عندما اتى رجلًا إلى موسى عليه السَّلام، فقال: هل تعلم أحدًا أعلمَ منك؟ فقال: لا فأوحى الله تعالى إليه: بلى عبدنا خضر، فسأل موسى عليه السَّلام السبيل إلى لُقيه، فجعل الله تعالى له الحوت آيةً وقيل له: إذا فقدت الحوت، فارجع فإنَّك ستلقاه، فانطلق هو وفتاه حتى أتيا الصَّخرة التي عند مجمع البحرين، فقال لفتاه: امكث حتى آتيك وانطلق موسى لحاجته، فجرى الحوت حتى وقع فِي البحر، فقال فتاه: إذا جاء نبيُّ الله حدَّثته فأنساه الشَّيطان.

وتشمل القصة على ثلاث مشاهد توضح اقدار الله الخفية 

_ مشهد ركوب السفينة وخرقها .. ركب الخضر عليه السلام بمرافقة موسى عليه السلام سفينة ثم احدث بها عيبا رغم احسان الناس اليهم  وكان بيان السبب فى الاية الكريمة "أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا "(79)

 _مشهد قتل الغلام ....وكيف قتل العبد الصالح نفسا زكية "طفلا صغيرا غلاما لم يبلغ الحلم" ولم يجر عليه القلم  بدون وجه حق امراً لا يأتيه عاصى الى انه العجب منه انتهى بقوله " وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا" (80)

مشهد الجدار وهدمه ثم بنائه مرة أخرى . ..قيام الخضر بهدم جدار بالمدينة ثم يبنيه أهل القرية ، وهم أهل لؤم وبخل رفضوا أن يضيفوه و موسى  رغم أنهم غرباء عن المكان فلم يعطوهم ولو قليلا من الطعام ، فيقول له موسى -( لو شئت لاتخذت عليه أجرا )- 77
 
وجاء الحق ليعلمنا الحكمة بقوله تعالى " وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا" (82)