الأمم لا تقاس في ساعات الرخاء ولا تمتحن في أيام الوفرة، وإنما تعرف حقيقتها وتختبر معادنها حين تضرب العواصف، وحين تتكالب الأزمات، وحين يخيل للجميع أن النهاية باتت قريبة. هناك، في قلب المحنة تصنع القوة وتكتب السير، وتحدد مصائر الشعوب التاريخ لا يجامل ولا يعطى شهادات بالمجان، لكنه يضع الأمم في...
الدب الروسي والقارة العجوز القارة العجوز تعيش اليوم هواجسها القديمة وكوابيسها التاريخية من جديد فالدب الروسي يقف على الأبواب يلوح بقوته العسكرية يبعث برسائله الصاخبة عبر المناورات المشتركة مع بيلاروسيا ويثير الرعب في رومانيا وبولندا ودول البلطيق أوروبا التي ظنت أن الحرب في...
منذ نشأتها، ظلت إسرائيل كيانًا يثير التساؤل العميق: هل هى دولة بالمعنى المتعارف عليه فى القانون الدولى، أم أنها عصابة منظمة استولت على أرض ليست لها بقوة السلاح وغطاء المصالح الاستعمارية؟ هذا السؤال لم يعد فلسفيًا أو عاطفيًا، بل صار واقعيًا أمام كل ممارساتها على الأرض: عدوان متواصل،...
هل تُبعث «الروح العربية» من الدوحة؟
فى لحظة عربية متوترة، وفى زمن تتكاثر فيه الضغوط والمؤامرات، انعقدت فى الدوحة قمة طارئة وُصفت إعلاميًا بأنها «قمة القلق العربي». لكن السؤال الأعمق الذى يفرض نفسه: هل تكون هذه القمة شرارة تبعث «الروح العربية» من جديد؟ وهل يمكن أن تتحول من مجرد اجتماع...
من كان يظن أن طائرًا صغيرًا يغوص فى الماء فى هدوء، أو بطريقًا بدينًا يسبح بانسيابية فى أعماق البحر، أو بومة حكيمة تطير فى صمت الليل، يمكن أن يغيروا وجه صناعة النقل فى اليابان؟! ليست هذه أسطورة من كتب الخيال، بل واقعة حقيقية صنعتها عقول تحسن التأمل وعيون لا تفارق الطبيعة، وقصة...
حروب المجانين: من هتلر إلى نتنياهو
عندما تقف على أعتاب الحقيقة مجرّدًا، سترى كل شيء بوضوح. ستكتشف أن المجانين – أو لنقل تأدبًا «الحمقي» – هم من يشعلون الحروب ويؤجّجون الصراعات لتحقيق مآرب شخصية ونزوات مريضة. فالدولة التى يحكمها مجنون تغلبه نزعاته الهوجاء، مصيرها إلى الهلاك ثم الزوال. هذا درس...
إسرائيل.. السلوك العدوانى وحدود الانفجار العربى
منذ تأسيسها عام 1948، لم تتوقف إسرائيل عن ممارسة سياسات عدوانية ضد جيرانها العرب. لكن اللافت فى السنوات الأخيرة أن هذا السلوك بات أكثر جرأة واتساعاً، ليشمل دولاً لم تكن فى صلب المواجهة العسكرية المباشرة. من فلسطين إلى لبنان وسوريا، ومن اليمن إلى قطر، تتبدّى إسرائيل كقوة تتحرك خارج كل...
أؤمن يقينا أن التنوع ثراء، وأن تباينات العقول حكمة إلهية تقودنا إلى تمدد معرفى حقيقى، يحتاج إلى نقاش عام وحراك ثقافى دائم ، هذا الحراك أدواته الأساسية هى الحوار وإتاحة الفرصة للرأى الآخر أن يصل إلى معادلة اتخاذ القرار، لكن هذا النقاش العام لن يكتمل دون وجود آراء حقيقية. نحن...
الحب المزيف وخذلان اللغة العربية
اللغة العربية ليست مجرد وسيلة للتواصل، بل هى الروح التى تسكن وجدان الأمة، والوعاء الذى حفظ تاريخها وديانتها وأدبها وذاكرتها الجمعية. هى لغة القرآن الكريم، ولغة الشعر والأمثال والحِكم التى صاغت الشخصية المصرية عبر قرون طويلة. لكننا اليوم نقف أمام مفارقة مؤلمة: جميعنا يزعم أنه يحب...
خطر «المهندس الخفى» على عقولنا
لم يعد المزاج العام انعكاسًا بريئًا لمشاعر الناس وتفاعلاتهم كما كان فى الماضى، بل صار صناعة دقيقة تُدار بخيوط غير مرئية. هذه الصناعة وجدت ملعبها الأوسع فى منصات السوشيال ميديا، حيث يتجمع ملايين المصريين يوميًا ليتابعوا الأخبار، ويشاهدوا الفيديوهات، ويتبادلوا التعليقات، لتتحول...
السوشيال.. السلاح الأسود فى المعارك الرمادية
لم تعد التكنولوجيا مجرد وسيلة للتسلية أو للتواصل بين الأفراد، بل تحولت فى السنوات الأخيرة إلى أداة إستراتيجية لتشكيل العقول وصناعة الرأى العام. من «فيسبوك» إلى «تيك توك»، ومن «يوتيوب» إلى «إكس»، صارت المنصات الرقمية بمثابة جبهة قتال...
لم يكن العرض العسكرى الصينى الأخير مجرد استعراض للقوة التقليدية، بل كان إعلانًا صريحًا عن أن بكين باتت لاعبًا رئيسيًا فى صياغة النظام العالمي. دبابات ضخمة، صواريخ بعيدة المدي، وتقنيات دفاعية متقدمة، كلها رسائل مشفرة موجهة إلى واشنطن والعواصم الأوروبية: «نحن هنا، ولن نكون...
حين خطّ الفيلسوف والقائد الصينى صن تزو كتابه الخالد «فن الحرب» فى القرن السادس قبل الميلاد، لم يكن يتصور أن حكمه ستعبر آلاف السنين لتصبح مرجعًا عسكريًا وسياسيًا واقتصاديًا حتى يومنا هذا. كتاب تُرجم إلى أكثر من 92 لغة، ودرس منه ماو تسى تونج، واستلهمه نابليون، واعتبره...
لم يعد التنافس بين الصين والولايات المتحدة مجرد شد وجذب اقتصادى أو نزاع تجارى على الأسواق، بل تحول إلى ما يشبه حربًا شديدة البرودة، تختلف عن الحرب الباردة الكلاسيكية التى شهدها القرن العشرون بين واشنطن وموسكو، لكنها لا تقل عنها خطورة. العرض العسكرى الصينى الأخير كان بمثابة جرس إنذار...
إنها آفة مجتمعاتنا والسبب الرئيسى فى ضياع كل الفرص المواتية أمامنا للانطلاق وصناعة التقدم، الأنانية اللعينة والنظرة الجزئية للأشياء التى تستبعد الصورة الكلية وتنحيها جانبا، فالنظر تحت أقدامنا وعدم القدرة على قراءة المستقبل هو النتيجة الحتمية للانغلاق والجمود فنحن لا نسمع بعضنا...
فى التاريخ لحظات فارقة، إما أن تختار الأمم فيها أن تعبر نحو المستقبل، أو تبقى أسيرة التردد حتى يبتلعها التيار. فى روما القديمة، حين عبر يوليوس قيصر نهر الروبيكون، كان يعرف أنه لا عودة بعد خطوته تلك، وأنه إما أن ينتصر أو يهلك. واليوم، نحن فى مصر أمام لحظة مشابهة؛ لقد عبرنا نهرنا الرمزي، وقررنا...